تتربّع على عرش المناسبات والولائم الأواني الخشبية التي تعتبر مفخرة العائلات المسيلية، فهي عندهم مصدر فخر وتميز. ولعلّ أهم هذه الأواني "المهراس الخشبي" فربات البيوت يعتبرونه أنيسا وصانعا للديكور، ومكملا للنكهة الأصيلة التي ورثت عن الجدات، أين لا يعقل أن يخلو أي بيت مسيلي من "المهراس". يشتهر سكان المناطق الغابية بالجزائر وعلى وجه الخصوص بولاية المسيلة بصناعة المهراس الخشبي المستعمل أساسا في تحضير الطبق الشهير "الزفيطي" في الوقت الحالي، غير أنه كان قد أستغل فيما سبق واستعمل لعديد الأغراض كطحن مختلف التوابل والبن، بل وحتى تحضير اللحم المفروم أحيانا. ويعرف المهراس الخشبي بالمسيلة باسم "الهاون"، حيث يصنع بخشب البلوط الأخضر المتوفر بكثرة في المنطقة، فبعد الحصول على جذع الشجرة يبدأ الصناع بتسوية السطح الخارجي للمهراس وجعله أملسا، فضلا عن قولبته حتى تكون الفوهة أكثر انفتاحا عن أسفل المهراس، ثم يشرع في حفره بأدوات خاصة من بينها القادوم. وقد تستغرق صناعة المهراس الخشبي مدة تزيد عن الأسبوع كون نوعية الخشب المستعملة صلبة جدا، ليشرع بعدها الحرفي في صناعة المهراس. وإذا كان المهراس النحاسي صاحب شعبية كبيرة بالعاصمة وفي بعض ولايات الوطن، ووجوده ضرورة حتمية، فإن المهراس الخشبي المعد خصيصا لتحضير "الزفيطي" أو هرس "الحميص"، وكذا تحضير "الشخشوخة" موجود في الكثير من الولايات الداخلية باعتباره موروث الجدات الذي مازال يحفظ طعم الأكل الصحي واللذيذ. والأهم أنه مازال يحتفظ بشعبيته الكبيرة، ورغم التطورات الحاصلة فالمهراس مطلوب مثلما كان عليه الوضع سابقا، وتختلف أحجامه من ولاية إلى أخرى، ففي كل ولاية مهراس رائد ومطلوب يحضر به نوع معين من الأطعمة الرائجة.