تحتل ولاية سكيكدة خلال السنوات الأخيرة مركز الريادة فيما يخص إنتاج بذور البطاطا وتصدير القمح الممتاز، في الوقت الذي عرف قطاع الفلاحة بولاية سكيكدة، ارتفاعا في نسبة النمو بلغت 7 ، 16 في المائة، وحقّقت رقما مهما في إنتاج بذور القمح الممتاز.وقد بلغ الانتاج الكلي للسنة الفارطة لكل الأصناف إلى أزيد من 570 ألف قنطار من القمح بنوعيه الصلب واللين، على مساحة 40 آلاف هكتار، أما برنامج إنتاج البذور فقد خصّص له مساحة تقدّر ب 3 ألف هكتار، بطاقة إنتاجية بلغت أكثر من 85 ألف قنطار، مع تخصيص 70 إلى 80 منتج عبر مختلف مناطق الولاية، وذلك في إطار البرنامج العادي وبرنامج تكثيف إنتاج البذور، إذ أصبحت ولاية سكيكدة منذ بداية الألفية الحالية الممون الرئيسي ل 13 ولاية بشرق البلاد ببذور القمح الممتاز، كما احتلت المرتبة الأولى في إنتاج بذور البطاطا التي تسوق إلى ولايات شرق وجنوب البلاد وبعض الولايات بالوسط. فالمساحة الصالحة للزراعة بسكيكدة تمثل نسبة 32 % من المساحة الإجمالية للولاية، موزعة على مناطق جبلية كجبال القل، أم الطوب، أولاد احبابة، عزابة، أراضي سهلية خصبة وتشمل كل من منطقة واد الصفصاف، واد القبلي، واد الكبير، وأراضي سفحية وتتمركز في كل من الحروش، عين بوزيان، سيدي مزغيش والسبت، ومن مجمل هذه المساحة هناك ما يقدر ب 11686 هكتار قابلة للسقي. كما تتوزّع المحاصيل الزراعية في المساحة الصالحة للزراعة على الحبوب ب 38245 هكتار، الزراعات الصناعية ب 2500 هكتار، البقوليات ب 2848 هكتار، الأشجار المثمرة ب 9956 هكتار، الخضروات ب 22325 هكتار، الأعلاف ب 37169 هكتار، كما تتمثل الإمكانيات البشرية في سكان الريف الذين يبلغ تعدادهم 236314 نسمة، أي بنسبة 55 ، 26 % من العدد الإجمالي لسكان الولاية، ومنها طاقة شبانية تمثل 62 ، 68 %. وبالرغم من هذا فإنه عند جني المحاصيل الفلاحية يجد المنتجين مشكل عويص يتمثل في نقص اليد العاملة، ممّا يعرّض المنتوج إلى الكساد في كثير من الأحيان. وتنحصر زراعة الحبوب في سهول رمضان جمال، الحروش، سيدي مزغيش ومجاز الدشيش والصفصاف وبني ولبان وأم الطوب، ومع أنّ ولاية سكيكدة لم تصنف بعد ضمن الولايات الرئيسية المنتجة للحبوب على المستوى الوطني، إلاّ أنّ توسيع زراعة الحبوب الشتوية والاستعانة بالري الصغير والمتوسط وتحويل مياه سد زيت العنبة الكائن ببلدية بكوش لخضر لسقي مساحات كبيرة من هذه الزراعة الأساسية يرشّح الولاية لتكون في المستقبل القريب من بين المصادر الرئيسية في تزويد المزارعين على الأقل على مستوى الجهة الشرقية للوطن ببذور الحبوب الممتازة لزراعة القمح والشعير وأعلاف الماشية تتم حاليا في مساحة تقدر ب5 آلاف هكتار، يحتل القمح فيها نسبة 70 بالمائة بمساحة تزيد عن 3 آلاف هكتار، والباقي هو موزع بين القمح اللين والشعير، للنوعية الخاصة التي تتوفر عليها الولاية وارتفاع معدل التهاطل السنوي للأمطار الذي يصل إلى ألفي مليمتر في السنة والمناخ المتوسطي، وكذا وجود مساحات شاسعة قابلة للإصلاح والاستغلال تمكن من التوسع في زراعة الحبوب في كل جهات الولاية والزيادة في القدرات الإنتاجية السنوية والاعتماد على الطرق العصرية المتبعة في دول العالم في مجال زراعة القمح بنوعيه. كما أشارت تقارير رسمية لمصالح مديرية الفلاحة بالولاية، إلى أنّ السياسة الوطنية المتّبعة فيما يخص التكفل بالفلاحين ماديا وتقنيا في إطار الصندوق الوطني للتنمية الفلاحية، قد أعطت نتائج إيجابية على صعيد المنتوج الذي يسجل ارتفاعا من حيث الكمية والنوعية، وبالرغم من ذلك يبقى هذا الانتاج دون مستوى الإمكانيات الحقيقية التي تزخر بها الولاية في شتئ الميادين، إذ تمتلك مساحة إجمالية تتجاوز 132 ألف هكتار تعد من أخصب وأجود الأراضي الفلاحية بالوطن، إلاّ أنّها غير مستغلة بنسبة كبيرة ومنها ما هو مستغل بصورة عشوائية وفوضوية كبعض المستثمرات الفلاحية الفردية والجماعية أصبحت مهملة وضائعة والمستفيدون لا يستغلونها بكيفية منتظمة وحقيقية، وبعضها تخلى عنها فيما لجأ آخرون إلى كرائها والتفرغ لأعمال أخرى غير الميدان الفلاحي. قال السيد بوسلوقية الأمين العام للغرفة الفلاحية أنّه لجهود كل الأطراف الفاعلة وللأيام الارشادية المقامة، أصبح الفلاحين متمكّنين في هذا المجال، وللمجهودات الكبيرة دخلت ولاية سكيكدة ضمن “نادي 50" الذي يجمع المنتجين المتحصلين على 50 قنطار في الهكتار الواحد من الحبوب، وقد استفاد الفلاحين من التعليمة الوزارية المتعلقة بالدعم بعتاد السقي المخصص لزراعة الحبوب بالرغم من وجود الولاية في الشمال، وذلك لتغطية نقص تساقط الأمطار المحتمل. وأضاف المتحدث بخصوص التخزين أنّه تمّ مؤخرا تسجيل مشروع يتعلق بإنشاء محطة تخزين ومعالجة بدور الحبوب بسكيكدة، وهذا المشروع كفيل بتعزيز قدرات التخزين والانتاج في نفس الوقت. هذا، وأصبحت ولاية سكيكدة في السنوات الأخيرة تشتهر بإنتاج بذور البطاطا، حيث توجد بها 12 مؤسسة متخصصة إنتاج بذور البطاطا، وإنتاج البطاطا بنوعيها البيضاء والحمراء الموجهة للاستهلاك، وزراعة البطاطا بولاية سكيكدة ممركزة في بلديات الحروش وصالح بوالشعور ورمضان جمال وتمالوس وكذا بن عزوز، وتزود العديد من الولايات ببذور البطاطا من بينها كل ولايات شرق وجنوب البلاد وحتى ولايات من الغرب الجزائري، حسبما أكده ل “الشعب" السيد بوسلوقية الأمين العام للغرفة الفلاحية، وتتوزع هذه الأخيرة في أكبر المناطق والقطاعات الفلاحية المتمركزة في الجهة الجنوبية، وعلى وجه الخصوص دائرة الحروش وتساهم ب 25 في المائة من نسبة الإنتاج الوطني من البذور بحوالي 30 ألف طن على مساحة تقدر 1300 هكتار، وربع المساحة المخصصة للخضروات تغرس بمادة البطاطا ولجودة شتائل بذور البطاطا بمدينة سكيكدة جعل الإقبال عليها واسعا من مختلف مناطق الوطن، ومن المرتقب أن تصل خلال السنوات القليلة القادمة إلى حوالي 2000 هكتار، وذلك لتصبح مدينة سكيكدة تغطي أغلبية حاجيات الولايات الداخلية من هذه المادة. وفيما يخص البطاطا الموسمية، فقد قدّرت مصالح المديرية الفلاحية الإنتاج بأكثر من 457 ألف قنطار خلال الموسم الماضي، بعد زرع مساحة إجمالية تقدر باكثر من 1500 هكتار موجهة للاستهلاك، كما تمّ زرع مساحة تصل إلى أكثر من 800 هكتار مخصصة لتكثيف بذور البطاطا وصل إنتاجها إلى 313 ألف قنطار لمواجهة طلبات المزارعين عبر عديد ولايات الوطن، خصوصا الواقعة في الجنوب كالوادي، ورڤلة، إليزي وغرداية. وتتم زراعة البطاطا في ولاية سكيكدة حسب ذات المسؤول، داخل مساحات صغيرة الحجم وفي رقعات جغرافية محدودة، وهو ما يعيق إمكانية الانتقال بالولاية إلى مرتبة كبيرة جدا قد تؤدي بها إلى مرتبة حقيقية من التصدير الخارجي لهذه المادة الحيوية، والأمر يتعلق بمشاكل العقار الفلاحي التابع للدولة والمجموعات الفلاحية، فيما لا يملك المزارعون الخواص العاملون في ميدان الإنتاج المساحات الكافية. وتعدّ مؤسسة “قدماني" الرائدة في إنتاج شتائل بذور البطاطا على المستوى الوطني ب 4 آلاف طن سنويا، وتشرف على تطوير هذه الزراعة بالعديد من الولايات بالوطن، ومؤخرا دخلت المؤسسة مجال التسويق العصري، حيث أنّ عملية بيع وشراء المنتوج تتم على مستوى الإدارة بخلاف السنوات السابقة، أين كانت تتم على مستوى الحقول والمزارع، وتعتمد هذه المؤسسة في تطوير منتوجها على العنصر البشري والأساليب الحديثة والمكننة، والاحتكاك مع المؤسسات الأجنبية المختصة في هذا المجال. وحسب ما علمنا من هؤلاء المنتجين فإنّ مجهوداتهم متواصلة في ميدان الاستثمار في إنجاز غرف التبريد بالتقنيات الحديثة من أجل تخزين منتوج البطاطا، وبالتالي القضاء على كساد وفساد الآلاف من أطنان البطاطا، التي يتم رميها بسبب انعدام الشروط والمواصفات التقنية بالمستودعات. وحسب الأمين العام للغرفة الفلاحية “هنالك ثلاثة أنماط لأنتاج البطاطا بسكيكدة، الموسمية والمتاخرة الصيفية والمبكرة، إلاّ أنّ الانتاج يرتكز على الموسمية وتوجد 12 مؤسسة معتمدة في إنتاج بذور البطاطا، وكل مؤسسة لها شبكة والعديد من المنخرطين، حيث لثلاث سنوات متتالية وولاية سكيكدة تتحصل على أحسن منتج للبذور على المستوى الوطني. وأضاف نفس المتحدث “أن هذه الديناميكية حصلت للتنافس المشروع بين المؤسسات المنتجة، مما ولد مردود كبير، والتحسن المستمر في الانتاج، وجعل الولاية رائدة في هذه الشعبة الفلاحية"، ليؤكد بوسلوقية على “أنّ هذه المكانة جعلت الانتخابات للمجلس الجهوي ما بين المهن لشعبة البطاطا، تنصب مكتب المجلس بولاية سكيكدة يضم خمسة ولايات من الشرق الجزائري المنتجة للبطاطا، وذلك اعترافا لمكانة ولاية سكيكدة الرائدة في هذا المنتوج الفلاحي الاستراتيجي، مؤكدا في مجمل حديثه “أنّه لستة منتجين امكانيات التخزين الذاتي، والباقي يضطرون إلى كراء مساحات التبريد من عند الخواص، موضحا بهذا الخصوص أن الدولة تشجّع على إنشاء مراكز التخزين من قبل المنتجين، أما بالنسبة للصعوبات التي من الممكن أن تعترض المنتجين، فإن بوسلوقية يوضح “أنّه في هذا الجانب لا تعترض الفلاحين صعوبات كبيرة، لأنّ أغلبهم أصبحوا مهنيين أكثر ومتمكّنين من تقنيات الانتاج، ولهم خبرة كبيرة في هذا الميدان".