القضاء على الفوضى التي كانت تعم القطاع بسبب احتكار بارونات الاستيراد تتجه الجزائر نحو التأسيس لمرحلة جديدة تحقق الإقلاع الاقتصادي، من خلال وضع الحكومة لسلسلة من التدابير والإصلاحات الاقتصادية على أسس متينة ترمي إلى الرفع من الإنتاج الوطني وضبط وتقليص الواردات وترقية الصادرات، مما يسمح بالحفاظ على احتياطي الصرف بالعملة الصعبة وتنظيم التجارة الخارجية، من خلال العمل على القضاء على الفوضى التي كانت تعم القطاع بسبب احتكار بارونات الاستيراد. شرعت الحكومة، في خطوة جديدة تهدف إلى حماية المنتوج المحلي، في اتخاذ إجراءات تنظيمية ورقابية في مجال الواردات عبر إنشاء مجلس أعلى لضبط الواردات، يسمح بمكافحة الممارسات التجارية غير المشروعة في عمليات الاستيراد والحد من تضخيم الفواتير، من خلال رصد وفرة المواد والسلع وتحديد حاجيات السوق الوطنية في إطار ترشيد النفقات وإزالة فوضى الاستيراد العشوائي الذي كبد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية. ويعول رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من خلال تنصيبه للمجلس الأعلى لضبط الواردات، برأي خبراء، على تغيير الصورة النمطية لمجال الاستيراد وانتهاج سياسة جديدة تعود بالفائدة والنفع على الاقتصاد الوطني وتعمل على إعادة التنشيط الاقتصادي وتضمن استمرار دوران عجلة الإنتاج، مما يسمح بتحسين الأداء التجاري ويجنب الجزائر اللجوء إلى صندوق النقد الدولي والمنظمات المالية الدولية للاستدانة الخارجية، الأمر الذي تطلب وقفة قوية من الدولة من أجل ضبط الواردات وإعادة توجيهها حسب حاجيات السوق، فضلا عن المساهمة في تشجيع الاستثمار ودعم الصناعة الوطنية وترقية الصادرات خارج المحروقات. ويتجسد حرص رئيس الجمهورية في مواصلة سياسة النهوض بالاقتصاد الوطني، من خلال البحث عن مخارج تسمح بإعادة توجيه التجارة الخارجية وسد الاختلالات الموجودة وتطهير واردات البلاد وإعادة توجيهها وفق أولويات وحاجة السوق المحلية ودعم الإنتاج الوطني بجملة من التدابير المتخذة وإصداره قرارات هامة تخص ضبط منظومة الواردات في إطار وضع آليات ترمي إلى ترشيد استهلاك الواردات ونفقات البلاد والحفاظ على احتياطي الصرف من العملة الصعبة، بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني. ويمثل المجلس الأعلى لضبط الاستيراد، إحدى الآليات الهامة لضبط منظومة الاستيراد في بلادنا والقضاء على ممارسات تجارية سابقة نتجت عنها عدة سلبيات مست الاقتصاد الوطني، وبالتالي المساهمة في حماية المنتوج الوطني من خلال تحديد وتوجيه السياسة المنتهجة في مجال ضبط الواردات واقتراح التدابير الرامية إلى تعزيز محاربة تضخيم الفواتير عند الاستيراد وإجراء تقييم دوري للمعطيات المتعلقة بالميزان التجاري وتدابير تعزيز التنسيق بين القطاعات في مجال ضبط الواردات. وتعكف السلطات العمومية على الرفع من الإنتاج الوطني وزيادة فرص التصدير والتقليص من الواردات، بوضع سلسلة من التدابير والإصلاحات سمحت بتخفيض فاتورة الاستيراد من 63 مليار دولار إلى 38 مليار دولار دون المساس باحتياجات المواطن، في حين أن احتياطي الصرف لدى الخزينة العمومية فاق 60 مليار دولار بفضل الإجراءات المتخذة في إطار ترشيد النفقات ومساعي محاربة عمليات تضخيم الفواتير. يأتي إنشاء المجلس الأعلى لضبط الواردات، ضمن سياق اقتصادي جديد وانتهاج الجزائر استراتيجية تعتمد على تنويع الصادرات خارج المحروقات من أجل دعم النمو الاقتصادي المتسارع والمضي قدما في تجسيد خطة الإنعاش الاقتصادي الجديدة وكذا استعدادات الجزائر للانضمام إلى مجموعة «بريكس»، مما يستدعي بذل مجهودات أكبر وإصلاحات اقتصادية كبرى من أجل تحقيق شروط الانضمام إلى المجموعة وحتى تتمكن الجزائر من تسجيل تحسن في المؤشرات المالية الكلية للاقتصاد الوطني، سواء ما تعلق بالواردات أو الصادرات أو حجم احتياطي الصرف. كما سيساهم مجلس ضبط الواردات في تحديد وتوجيه السياسة المنتهجة في مجال ضبط الواردات ودراسة واقتراح أي تدبير يرمي إلى ضبط الواردات ووضع التدابير الرامية إلى حماية الإنتاج الوطني لحلوله محل الواردات وكذا اقتراح تدابير لتحسين نظام المعلومات المتعلق بتحديد حاجات السوق الوطنية، بالإضافة إلى اقتراح الإجراءات الكفيلة بمحاربة الممارسات التجارية غير المشروعة في عمليات الاستيراد، وسيكلف أيضا باقتراح التدابير الرامية إلى تعزيز محاربة تضخيم الفواتير عند الاستيراد.