احيا الشعبان الجزائر والتونسي أمس الذكرى ال55 للعدوان الذي شنته الطائرات الحربية لقوات الاحتلال الفرنسي على مواقع ومراكز اللاجئين الجزائريين والمرافق العمومية الحيوية بقرية ساقية سيدي يوسف التونسية. وتخليدا لهذه الذكرى احتضنت الخميس بلدية لحدادة (42 كلم شرق سوق أهراس) الاحتفالات المخلدة لهذه الذكرى بحضور سلطات الولاية وعدد من المجاهدين، وجرت بالشريط الحدودي الجزائري التونسي الاحتفالات الخاصة بهذا الحدث التاريخي الذي امتزجت فيه دماء الجزائريين والتونسيين وذلك من خلال تقديم عدة أنشطة ثقافية. وتبقى احداث ذلك العدوان راسخة في اذهان العديد من مواطني الشريط الحدودي بولاية سوق أهراس الذين امتزجت دماؤهم بدماء اخوانهم التونسيين في الهجوم الوحشي الذي شنته آنذاك طائرات الاستعمار الفرنسي على هذه القرية الهادئة. ففي يوم 8 فيفري 1958 الذي هو يوم السوق الاسبوعي قامت الطائرات الحربية للعدو المشترك للشعبين الجزائري والتونسي انذاك بقصف تلك القرية الآمنة التي كانت ملجأ لجزائريين أرغمتهم ظروف الحرب والقهر الاستعماري على اللجوء إلى تراب أشقائهم . وكانت نتيجة القصف سقوط حوالي 100 تونسي وجزائري من بينهم 12 امرأة و20 طفلا وأكثر من 130 جريح وتدمير عدة مرافق حكومية تونسية ووسائل نقل تابعة للصليب الاحمر الدولي. وسبق القصف عدة تحرشات فرنسية على القرية التي تقع على الشريط الحدودي الجزائري والتونسي وذلك لكونها نقطة استقبال لجرحى ومعطوبي الثورة التحريرية حيث كان اول تحرش في بداية اكتوبر 1957 اذ تعرضت الساقية الى اعتداء فرنسي بعد ان اصدرت باريس قرارا يقضي بملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي. ثم تعرضت مرة اخرى الى اعتداء ثان في 30 جانفي 1958 بعد ان تعرضت طائرة فرنسية لنيران جيش التحرير الوطني لتختتم هذه التحرشات بالغارة الوحشية يوم 8 فيفري 1958 بعد يوم واحد من زيارة روبر لاكوست وزير مقيم والحاكم العام للجزائرمنذ 1956 للشرق الجزائري. هذا العدوان الذي لازالت اثاره خالدة في ذاكرة من عايشوه عاشه مندوب الصليب الاحمر الدولي الذي صرح في شهادته ان القاذفات الفرنسية التي شنت الهجوم على القرية ودمرتها وحطمت ايضا عربات الشحن التابعة للصليب الاحمر التي كانت محمولة بالمساعدات الخاصة باللاجئين الجزائريين. ومازال العديد من المجاهدين الذين عاشوا الحدث يتذكرون ادق تفاصيل هذا الهجوم الذي بدأته الطائرات الفرنسية على الساعة الحادية عشر صباحا باطلاق القنابل على المقرات العمومية الموجودة وسط القرية ليسقط الكثير من الجزائريين والتونسيين ضحية هذا الاعتداء. وبالرغم من مرور اكثر من نصف قرن على الجريمة الا أن هؤلاء المجاهدين الذين لازالوا تحت واقع صدمة الهول يتذكرون تلك المأساة وكيف استهدفت طائرات الاستعمار تلاميذ كانوا خارجين من مدرسة ساقية سيدي يوسف وكذا فرار الناجين من الاطفال والرجال والنساء نحو الغابة حيث كان الجيش الفرنسي بانتظارهم للقضاء عليهم وظلت العديد من الجثث تحت ركام وأنقاض المنازل لشهور طويلة.