الاستماع بكل اهتمام واحترام للانشغالات.. وسابقة باركها الإعلاميون استقبال استثنائي.. نقاش صريح ومفتوح وتشخيص مهني بلسان أبناء القطاع شكّل اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بمديري ومسؤولي بعض وسائل الإعلام الوطنية، فضاء استثنائيا مفتوحا على مصراعيه، للوقوف عند انشغالات واهتمامات ممثلي الأسرة الإعلامية الوطنية. وقد كان السيد الرئيس متفتّحا متبصّرا ونزيها، عندما أبرز في بداية الاستقبال، إنه فضّل الاستماع مباشرة وبصفة جماعية، إلى السادة والسيدات مسؤولي الصحافة من مختلف فئاتها المكتوبة والمسموعة والتلفزية والإلكترونية، عمومية كانت أو خاصة. لكن للأسف، أيام قليلة، بعد هذا اللقاء، الذي أعلنته فور انتهائه مصالح رئاسة الجمهورية في بيان رسمي، لم يجد سحرة ودجّالو الإشاعة والدعاية، مسلكا آخر، بحثا عن السجال والجدال، ومحاولة زرع البلبلة وتسميم العقول، كالعادة، سوى بنشر استنتاجات كاذبة وتأويلات مضلّلة، لقيت استغراب واستعجاب واستهجان من كان حاضرا من البداية إلى النهاية، ولمدّة تجاوزت الأربع ساعات كاملة، كانت لتبادل وجهات النظر في سابقة لم تألفها صحافتنا خلال مراحل سابقة. تحليلات فلكلورية، تحويرات على المقاس وتشخيصات على التماس، بثها "بيدق هارب"، عبر النت، بطريقة مبتذلة ومهترئة، اعتمدت إنتاج البهتان بلغة التأويل والتهويل، في مسعى يائس بائس، لتغليط الرأي العام، وغرس بذور الشكّ والريبة، بفبركة معلومات لا أساس لها من الصحة وتصريحات مزعومة مجانبة للواقع والحقيقة. كان لقاء رئيس الجمهورية، ببعض مديري ومسؤولي الصحافة الوطنية، العمومية والخاصة، وهذا ما شهد به الجميع، لقاء "أخويا" موسوما بحسن النوايا الصادقة، لم يتعوّد عليه الصحفيون والإعلاميون، من قبل البتّة، في تحوّل استثنائي وحصري، فتح بموجبه الرئيس تبون مكتبه الشخصي وأبواب الرئاسة، للأسرة الإعلامية، كغيرها من مختلف الفاعلين في المجتمع الجزائري، بعد سنوات طويلة من الغلق والتشميع والإقصاء. في نفس اليوم -(الثلاثاء الماضي)- بيان لرئاسة الجمهورية، أعلن عبر نشرات أخبار التلفزيون والإذاعة وشريط وكالة الأنباء الرسمية، عن اللقاء بكلّ شفافية، وغداة انتهائه، وجاء فيه أن السيد الرئيس استقبل مديري ومسؤولي بعض وسائل الإعلام الوطنية، حيث استمع إلى الانشغالات المهنية والاجتماعية للأسرة الإعلامية، منوّها بالدور البارز الذي تقوم به الصحافة في الدفاع عن المصلحة الوطنية. كما شكّل اللقاء فرصة، اطلع من خلاله السيّد الرئيس على مقترحات مهنيي الصحافة لتحسين أدائها من أجل المساهمة الفعّالة في الجهود الوطنية، التي تبذل في كل المجالات والقطاعات. وتناول اللقاء أيضا بالنقاش المستفيض، مختلف المسائل الوطنية المرتبطة مباشرة بانشغالات المواطنين، مُعرّجا على القضايا الإقليمية والدولية. عنوان لقائنا بالسيد رئيس الجمهورية، كان بالدرجة الأولى، لقاء استثنائيا مفتوحا وصريحا، للاستماع إلى انشغالات أبناء القطاع، وتدارس الآفاق المستقبلية، وتبادل وُجهات النظر حول تسوية الاختلالات والتراكمات المترتبة عن فوضى سنوات العهد البائد، بما يطوّر المهنة ويعزّر مكانتها ويقوّي دور الصحفيين ووضعيتهم المهنية والاجتماعية، وهي الملفات المهمّة والمصيرية بالنسبة لمنتسبي الصحافة، حيث استحوذت على حصّة الأسد من زمن هذا اللقاء الذي بدأ وانتهى بترحيب واستحسان المدعوين. لقد كان اللقاء دليلا آخر على سعة صدر الرئيس وصبره، لسماع كلّ شيء، ومثلما قال سيادته التطرق لكل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة، والاستماع إلى الجميع باهتمام واحترام، من دون تمييز ولا مفاضلة، وبعيدا عن أيّ بروتوكولات أو حسابات مسبقة أو "ربط للألسن"، وذلك كله بهدف وضع اليد على جُرح قطاع وطني حيوي ومؤثر، وتشخيص "المرض القديم" بدقة، بعيدا عن عصا موسى أو خاتم سليمان، قصد تحديد وصفة صحيحة وعلاج مناسب لما اشتكى منه المنتسبون لمهنة أصلها شريف وفصلها نظيف، وليست أبدا أداة لغلاة الابتزاز والضغط وهوّاة ليّ الذراع والمساومة. لقد تطرّق الرئيس كذلك، خلال جزء من اللقاء، ردّا على تساؤلات الحضور، إلى ما تمّ طرحه من الانشغالات الآنية للمواطنين، بكلّ صراحة وبلسان "محامي الزوالية"، مثلما عوّد عليه الرأي العام والصحافيين، خلال لقاءاته الدورية السابقة مع ممثلي وسائل الإعلام، إلى جانب التأكيد على ثوابت الدولة الجزائرية المستمدّة من ثورة نوفمبر، ومواقفها السيادية ومبادئها الخالدة تجاه عدد من القضايا العادلة التي لا تقبل التنازل أو التفاوض. ومع فظاعة ما قد يلجأ إليه "أشباه إعلاميين" ومتربّصون ومشوّهون للوقائع، متحاملون ومتطاولون على مؤسسات ورموز الدولة، فإن أخلاقيات مهنة الإعلام بالمقابل، تستدعي كذلك، أوّلا وآخرا وأخيرا، الالتزام وتجنّب فبركة "التسريبات" الملفّقة والمزوّرة، وتفادي التحريف والتزييف، فالمجالس أمانات، ولمهنة الصحافة شرف وعفّة وإيمان بالوطن، خاصّة إذا تمّ تقويل القائل ما لم يقل، والترويج للعفوية والتلقائية على طريقة السمّ المدسوس في العسل! لم يحدث من قبل، بشهادة واعتراف السابقين واللاحقين، أن "اشتكت" الأسرة الإعلامية، مباشرة ووجها لوجه إلى رئيس الجمهورية، في لقاء شفّاف وديمقراطي، وطرحت عليه كلّ مشاكلها وانشغالاتها وحتى "أخطائها وخطاياها"، ولم يسبق أن ظفرت الأسرة الإعلامية بالتزامات وتعهدات وحلول وتسويات، في إطار القانون، مثلما يحدث الآن. كلّ الشكر والتقدير للسيد الرئيس، على هذا اللقاء الذي شرّفنا وتشرّفنا به، واستمع بعقل المسؤول وقلب الإنسان، وروح "صديق الصحفيين" المدافع المرافع، لمتاعب ومصاعب مهنتنا النبيلة بكل تفاصيلها وفواصلها، ولم يتوان في التعمّق والغوص بين ثناياها دون ملل، رغبة منه في حلّ إشكالياتها ولو بالتدريج ووفق الأولويات. وبالتالي، ليس من باب المزايدة أو التنميق، لو دعا داع إلى ضرورة وحتمية عدم التفريط بأيّ حال من الأحوال في هذا المكسب الذي يعتبر كذلك عكّازا صلبا لبناء إعلام وطني واع مسؤول وقويّ، بما يعزّز، طبعاً، أسس وأركان الجزائر الجديدة.