تقف الجزائر قاطبة اليوم في الذكرى ال42 لتأميم المحروقات على نفس الدرجة من القوة والعزيمة لتأكيد الوفاء لتضحيات جيل التحرير والبناء، ومن “تيقنتورين" بعين اميناس، حيث تتوجه الأنظار لوقفة العرفان لأولئك الذين ترجموا القرار التاريخي الذي أعلنه الراحل هواري بومدين بتأميم قطاع حيوي يمثل ثروة الأجيال والقلب النابض للتنمية. كان الموقف ولا يزال في مستوى تطلعات الجزائر المستقلة ولم يمض عن استرجاع السيادة حينها عشر سنوات لتوقع بنفس أحرف ثورة نوفمبر المجيدة خيارها الحر مؤسسة لمسار لا يهاب التحدي ولا يخضع للابتزاز أو المساومة. ولا تزال عبارة: “قررنا تأميم المحروقات" التي زلزلت أركان الشركات الأجنبية الاستغلالية تدوي في صحرائنا بنفس الروح والإصرار وبها تصاغ القرارات الإستراتيجية اليوم لمواصلة شق الطريق الصعب إلى المستقبل في ظل عولمة تستهدف البلدان الناشئة التي ترفض الذوبان والاستسلام للأمر الواقع وتتمسك بالسيادة الوطنية مكسبا للأجيال مع التعاطي باستقلالية مع الشراكة القائمة على تقاسم الأعباء والمنافع. وبنفس المضمون والوضوح، أكد رئيس الدولة بالمناسبة المزدوجة للتأميم وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين أن العدالة تحسم الجدل الدائر بشان الفساد الذي يحوم حول سوناطراك مؤكدا بما لا يدع مجالا للتردد بان المسألة تعالج بكل القوة والشفافية التي يكرسها القانون حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في موضوع يتعلق بالأمن الاستراتيجي للبلاد والذي يتعدى أي اعتبار آخر مهما كان وحينها توضع النقاط على الحروف. إنها نفس الحدة التي تصرف بها الجيش الوطني الشعبي في قصم ظهر الجماعة الإرهابية متعددة الجنسيات التي استهدفت إحدى قلاع المحروقات بتيقنتورين الرمز فسحقها بلا رجعة تؤكد أن المساس بالسيادة الوطنية ومكاسب الأمة خط احمر لا تهاون معه، وبلا شك يكون الرد بنفس العزيمة من القضاء في معالجته لملفات الفساد التي تثير الرأي العام في وقت تقف فيه البلاد على عتبة أفق جديد تلعب فيه المحروقات الدور الفعال في تمويل التنمية الشاملة. ولا يختلف أي كان بشان مكافحة أي فساد يهدد الأمن الاستراتيجي للبلاد أو يعرقل المسار الاستثماري الذي تعبده بإمكانيات الدولة ويحتاج إلى مناخ من الهدوء حتى تتضح الرؤية وتنقشع أي ضبابية يستغلها المناوئون لبلادنا في ترويج مؤامرات تحاك في دوائر معينة لا تقبل بالجزائر شريكا نديا يعرف كيف يتجاوز الصعوبات التي تعترضه. غير أن انزلاق بعض الجزائريين - منهم من شرفتهم الجزائر بتحمل مسؤوليات حساسة في المنظومة الاقتصادية وأكلوا من خيرات هذه الأمة إلى حد التخمة وأكثر- في ممارسة جلد الذات في سباق محموم لمن يلحق اكبر ضرر ببلاده أمر يدعو للحيطة والحذر خاصة بتجاوز البعض في نقل المسالة من إطارها المباشر إلى محاولة إثارة حالة من التشكيك وخلط الأوراق انسجاما مع ما يدبر حول وطن يرفض شعبه الانكسار أو الانحناء أمام كل العواصف مهما كانت شديدة ومن ثمة لا تنطلي عليه ألاعيب قوى الشر متخفية وراء شعارات براقة لتداهم بلدانا وشعوبا فتنشر الفتن القاتلة فتضيع الثروات وتستنزف الخيرات وتجهض الأحلام المشروعة في بلوغ النمو المطلوب والرفاهية المستحقة كما هو الحال في أكثر من جهة تغرق في فوضى لا نهاية لها.