مع تعهد الكيان الصهيوني بمواصلة عدوانه الغاشم الذي دخل يومه 82، لأشهر طويلة، تتالت الغارات العنيفة على مختلف مناطققطاع غزة المكتظ بالسكان، حيث شهدت مدن خان يونس وجباليا وغزة قصفا جويا ومدفعيا مكثفا خلف عشرات الشهداء والجرحى. استمرت المعارك الضارية بين المقاومة والجيش الصهيوني على عدة محاور، وأقرّ الاحتلال صباح أمس الثلاثاء بمقتل ضابط وعسكري وإصابة 4 آخرين بجروح خطيرة لترتفع حصيلة قتلاه منذ بدء الحرب إلى 491 ضابطا وعسكريا، كما اعترف بمقتل عسكريين بقصف "خاطئ" نفّذه في غزة الشهر الماضي. جاء ذلك بالتزامن مع اقتحام قوات الاحتلال مدنا وبلدات في الضفة الغربيةالمحتلة شملت بيتونيا وبيت لحم والخليل وطولكرم وقلقيلية ورام الله وشنت حملة اعتقالات، كما سقط شهيدان برصاص الاحتلال في مخيم الفوار جنوب الخليل. قصف مقر للهلال الأحمر في وقت مبكر من يوم أمس، تحدّث فلسطينيون عن وقوع عدة غارات جوية بالقرب من مستشفى ناصر في خان يونس، أكبر منشأة طبية في جنوب قطاع غزة. وكان الجيش الصهيوني جدّد قبل أيام مطالبته سكان عدد من المناطق وسط غزة من ضمنها مخيم البريج بالإخلاء والتوجه جنوباً، في إشارة إلى عزمه توسيع اجتياحه البري لشمال القطاع، علماً أن مناطق الجنوب التي دعت قوات الاحتلال النازحين للتوجه إليها لم تسلم أيضاً من العدوان، بدليل القصف الذي تعرض له مقر الهلال الفلسطيني أمس في خان يونس، حيث قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إن مدفعية القوات الصهيونية استهدفت الطوابق العلوية في مقر الجمعية بخان يونس جنوب قطاع غزة، مشيرة إلى أن المقر يضم آلاف النازحين، و قد استشهد وأصيب الكثير منهم. مذبحة بمستشفى الأقصى من ناحية ثانية، وصفت جيما كونيل، الموظفة بمكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) امس الثلاثاء، ما رأته في مستشفى الأقصى في غزة بأنه "مذبحة كاملة". وقالت كونيل لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن هناك العديد من المصابين "بجروح شديدة الخطورة، لكن لا يمكن علاجهم لوجود الكثيرين أمامهم في طابور الجراحة، والمستشفى مكتظ بالمصابين بما يفوق طاقته الاستيعابية". ونقلت الإذاعة البريطانية عن كونيل قولها: "رأيت صبيا عمره تسع سنوات يعاني بشكل مأساوي من إصابة مدمرة في الرأس يموت أمامي". ضربات قويّة تنفّذها المقاومة في الأثناء، قالت "كتائب القسام" التابعة لحماس أمس، أنها فجرت فتحة نفق في قوّة صهيونية مكوّنة من 8 عسكريين، بينما أوردت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، إن مقاتليهايخوضون منذ الصباح اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال المتوغلة في محاور التقدم شرق وشمال خان يونس بالقذائف المضادة للدروع والأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون. كما أعلنت سرايا القدس استهداف آليتين عسكريتين صهيونيتين بقذيفتي "آر بي جي" في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة. وقالت إنّها قصفت حشودا عسكرية للجيش الصهيوني بقذائف الهاون في منطقة جحر الديك وسط قطاع غزة. رقعة شطرنج بشرية على الجانب الإنساني، قالت جيما كونيل، التي تقود فريقا إنسانيا تابعا للأمم المتحدة، إن القطاع تحول إلى "رقعة شطرنج بشرية يفر بداخلها آلاف الأشخاص الذين نزحوا عدة مرات بالفعل، فيما ليس هناك ما يضمن أن وجهتهم القادمة ستكون آمنة". كما أضافت كونيل، التي تشغل منصب رئيس فريق مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والتي زارت حي دير البلح وسط قطاع غزة الاثنين "هناك مساحة صغيرة متبقية في مدينة رفح لدرجة أن الناس لا يعرفون إلى أين سيذهبون، ويبدو الأمر وكأن الناس يتم نقلهم حول رقعة شطرنج بشرية، لأن هناك أمر إخلاء في مكان ما".