جاء قانون المقاول الذّاتي ليفتح مجالا واسعا للشباب حامل الأفكار المبتكرة المرتبطة بالتطورات الرقمية والتكنولوجية، كونها ستساهم في معركة النمو الاقتصادي، حيث أن هذا القانون سيمنح لفئة الشباب تحفيزات لم تكن موجودة من قبل من أجل إنشاء مؤسسات خاصة بهم، ومنحهم بطاقة المقاول الذاتي، ولا تقتصر هذه المزايا الجديدة على الشباب الجزائري داخل أرض الوطن، بل تمتد إلى خارج الحدود، لتنال بمزاياها أبناء الجالية الوطنية في الخارج قصد تجسيد الأفكار، وتقنين الأعمال والنشاط ضمن أطر قانونية واضحة. يسمح الإطار القانوني للمقاول الذاتي، للشباب الناشطين في مجال العمل المستقل، بفتح حسابات بنكية تجارية، والحصول على الضمان الاجتماعي، وهي امتيازات تهدف إلى تقنين كثير من المهن غير المنظمة، وهذا يأتي في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، حيث أضحى التوجه نحو نموذج اقتصادي جديد أمرا لا مناص عنه، من خلال تنويع الاقتصاد الرقمي وفتح المجال لإنشاء مؤسسات جديدة، وتقنين أنشطة جديدة مع ظهور كثير منها في السوق، والاعتماد على منح فرصة للشركات الناشئة للتعامل مع المتعاملين الجدد في السوق بغية تخفيض أعبائها، في إطار المساهمة في بناء نسيج اقتصادي متكامل ما بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، باعتبار أن هذا التوجه سيمكّن البلاد من تجاوز أي صدمات نفطية محتملة، فالمؤسسات الناشئة لها دور كبير في تحقيق التنمية الاقتصادية، بحيث تأتي بالقيمة المضافة للبلاد، وهو المسعى الذي تنتهجه الجزائر الجديدة اليوم، للذهاب بعيدا نحو عالم المقاولاتية والمقاولاتية الذاتية، والرفع من فعالية ومساهمة الاقتصاد الرقمي في الاقتصاد الوطني. العمل في أنوار القانون.. أبرز الخبير الاقتصادي العربي غويني، في حديث مع "الشعب"، أنّ مجلس الوزراء الأخير المنعقد برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، تطرّق إلى موضوع المقاول الذاتي، وكيفية تنظيمه واستفادته من امتيازات ضريبية، تُمنح للمقاول الذاتي ضمن النظام الجبائي التفضيلي، معتبرا أنّ "هذه الخطوة تهدف إلى تنظيم نشاط أي مقاول ذاتي ضمن أطر قانونية تحميه وتجعله يبدع ويساهم في خلق الثورة، وهذا بغية تطوير روح المقاولاتية وتسهيل دخول الشباب إلى سوق العمل من خلال التوظيف الذاتي، وبالتالي تقليص عدد الأفراد الذين ينشطون في السوق الموازية بدون تغطية اجتماعية، وإدماجهم في الاقتصاد الرسمي". وأبرز المحلّل الاقتصادي، أنّ "اهتمام الدولة بالمقاول الذاتي، معناه أنها سوف تعمل على ترسيخ وتجسيد منظومة اقتصادية ضمن أطر قانونية، ما سيسمح بالقضاء على الاقتصاد الموازي الذي ينشط خارج الأطر القانونية، فضلا عن أنّ تشجيع المقاول الذاتي من طرف السلطات العمومية سيجعله في أريحية، ويوفّر له المناخ الذي يبدع فيه ويبتكر، حيث سيقدم قيمة مضافة عندما يشعر بتوفر مناخ ملائم، وبضمان حقوقه في المنظومة الاقتصادية". مزايا وتسهيلات وحمل قانون المقاول الذاتي الصادر ديسمبر 2022 عديد المزايا، وأدرج تسهيلات عديدة للشباب الجزائري الراغب في الحصول على امتيازات لإنشاء مؤسّسته المصغرة، أهمها أن يكون التسجيل بطريقة إلكترونية، فضلا عن حسابات مبسّطة على سجل مرقّم ومؤشر عليه من قبل مصالح الضرائب المختصة إقليميا، تقيد فيه الإيرادات والنفقات المتعلقة بالنشاط، والاستفادة من الإعفاء من القيد في السجل التجاري، وتمكينهم من نظام ضريبي تفضيلي، والتغطية الاجتماعية، وفتح حساب بنكي تجاري، مع إمكانية توطين النشاط في مكان الإقامة أو في فضاءات العمل. 7 مجالات لنشاطات المقاول الذّاتي ولشرح العملية أكثر، نظّمت الحكومة قائمة النشاطات في 7 ميادين، تتمثل في الاستشارة والخبرة والتكوين، الخدمات الرقمية والأنشطة ذات الصلة، الخدمات المنزلية، الخدمات الموجهة للأشخاص، خدمات الترفيه والتسلية، الخدمات الموجهة للمؤسسات والخدمات الثقافية والاتصال والسمعي البصري. وتستثنى من قائمة هذه النشاطات المهن الحرة والمهن والنشاطات المقنّنة والحرفية. ويتكوّن الرمز العددي الخاص بكل نشاط من ستة أرقام، إذ يبين الرّقمان الأوّلان ميدان النشاطات، حيث تمثل قائمة النشاطات مرجعا معياريا وحيدا ملزما لتعريف كل نشاط يندرج ضمن هذه القائمة، وبهذه الصفة يتعين على كل شخص يطلب تسجيله في السجل الوطني للمقاول الذاتي، أن يستعمل قائمة هذه النشاطات المرجعية. كما يتم تسيير قائمة النشاطات من قبل الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي. ويسجّل في السجل الوطني للمقاول الذاتي كل شخص طبيعي يمارس نشاطا مدرجا ضمن قائمة النشاطات المؤهلة للاستفادة من القانون الأساسي للمقاول الذاتي المجددة ضمن السبع مجالات المذكورة آنفا. وبموجب ذلك، تمسك الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي السجل الوطني، ويربط هذا السجل بالمؤسسات العمومية المعنية الأخرى، لا سيما مصالح الضرائب وهيئة الضمان الاجتماعي لغير الأجراء، ويربط السجل الوطني بواسطة دعامة رقمية وتضم جميع المقاولين الذاتيين، وكذا التعديلات أو الشطب أو إعادة التسجيل في هذا السجل، حسب ذات المصدر. هذه شروط الحصول على لقب "مقاول ذاتي" أدرج المرسوم التنفيذي المحدّد لقائمة النشاطات المؤهّلة للاستفادة من القانون الأساسي للمقاول الذاتي، كيفيات التسجيل في السجل الوطني للمقاول الذاتي، وهو متاح ل "كل شخص طبيعي تستوفي فيه الشروط، وهي بلوغ السن القانونية للعمل، الجنسية الجزائرية، وأن يكون ومقيما بالجزائر أو أجنبيا مقيما، وفقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما، وأن يمارس نشاطا مدرجا ضمن قائمة النشاطات المؤهلة للاستفادة من القانون الأساسي للمقاول الذاتي، كما يتم التسجيل في السجل الوطني بإيداع طلب لدى الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي، أو عن طريق المنصة الرقمية المنشأة لهذا الغرض، مرفقا بملف إداري واستمارة معلومات". وتتم معالجة طلب التسجيل في السجل الوطني في أجل أقصاه ثلاثة أيام، ابتداء من تاريخ الإيداع، ويتم إخطار مقدم الطلب إلكترونيا بقبول طلب تسجيله في السجل الوطني أو رفضه، كما يتسلم صاحب الطلب، بعد قبول تسجيله في السجل الوطني، بطاقة مقاول ذاتي تحمل رقم تسجيل وطني وحيد في السجل الوطني، من قبل الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي، كما يمكن للمقاول الذاتي أن يتحصل على مستخرج من السجل الوطني خاص به يتم تحميله إلكترونيا. هكذا تفقد صفة "المقاول الذّاتي" وحسب المرسوم التنفيذي ذاته، فإنّ المقاول الذاتي يشطب من السجل الوطني من قبل الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي، في حالات عدّدها، سواء بطلب منه يودعه لدى الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي أو عن طريق المنصة الرقمية، أو في حالة عدم التصريح برقم الأعمال أو التصريح برقم أعمال منعدم خلال السنوات الثلاث التي تلي التسجيل في السجل الوطني للمقاول الذاتي، أو في حالة تجاوز حد رقم الأعمال السنوي المحدّد بخمسة ملايين دينار، أو في حالة وجود أي مانع قانوني أو قضائي يحول دون ممارسة هذا النشاط، أو في حالة وفاة المقاول الذاتي، ويبلغ قرار الشطب من طرف الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي بكل وسيلة ممكنة، في أجل خمسة عشر يوما، من تاريخ قرار الشطب، إلى كل من المقاول الذاتي ومصالح الضرائب وهيئة الضمان الاجتماعي لغير الأجراء والمؤسسة البنكية و/أو البريدية المعنية، ويؤدي الشطب من السجل الوطني إلى إلغاء بطاقة المقاول. وللمقاول الذاتي أجل ثلاثين يوما لتقديم طعن في حالة رفض تسجيله أو شطبه، لدى المصالح المختصة للوزير المكلف بالمؤسسات الناشئة. وللوزير المكلف بالمؤسّسات الناشئة أجل ثلاثين يوما للرد على الطعن المقدم من طرف المقاول الذاتي، كما يمكن للمقاول الذاتي الذي تمّ شطبه من السجل الوطني، طلب إعادة تسجيله في هذا السجل، بعد إزالة أسباب الشطب ودفع الديون الجبائية وشبه الجبائية المستحقة، إن وجدت.