استراتيجية متكاملة لرفع إسهام الصناعة في الناتج الداخلي إنشاء منظومة بنكية متخصصة في الاستثمار الصناعي استنساخ تجربة الصناعات العسكرية بالمجمعات الصناعية أكد الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، أن تحقيق الإقلاع الاقتصادي ودفع نمو الصناعة والاقتصاد الوطني، يبنى على إعادة بعث المجمعات الصناعية العمومية، وعددها 14 مجمعا وشركة قابضة، على اعتبار أنها أساس بناء نسيج صناعي قوي، يرتكز على الحوكمة في التسيير وفق نجاعة ومردودية اقتصادية ومالية، بعيدا عن التسيير المركزي الذي يثقل كاهل المجمعات الصناعية. أوضح عبد القادر سليماني، في تصريح ل «الشعب»، أن المجمعات الصناعية العمومية هي الفاعل الأساسي في معادلة الإقلاع الصناعي، لأنها تملك من الخبرة والإرث الذي يؤهلها لتكون قاطرة الإقلاع الصناعي، بالإضافة إلى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في حوكمة التسيير والخروج من التسيير الإداري إلى نمط المناجمنت الحديث، المبني على الإحصائيات والمعطيات الرقمية، من أجل إرساء تنافسية ومرونة تتوافق ومتطلبات السوق المتغيرة. تحرص الجزائر- يقول الخبير الاقتصادي- على تنمية القطاع الصناعي من خلال دعم المجمعات الصناعية التي يجب أن تمتلك البحث، التطوير وسلاسة تتوافق مع تنافسية الثورة الصناعية من الجيلين الرابع والخامس وثورة الذكاء الاصطناعي والرقمنة واقتصاد المعرفة، للنهوض بهذا القطاع في إطار استراتيجية متكاملة. وبشأن شروط الإقلاع الصناعي، أكد سليماني ضرورة وضع خارطة صناعية، وضع القطاعات خارج المحروقات (المناجم التعدين، الصناعات بكل أنواعها الميكانيكية، السفن، الصناعات الغذائية والنسيجية والأدوية) في صلب الاهتمام لتحقيق الانطلاقة القوية، مع إعادة التنظيم والذهاب إلى الأقاليم الاقتصادية حسب طبيعة كل ولاية وخصوصيتها وإمكاناتها المادية الطبيعية والبشرية، بالإضافة الى ضرورة إحصاء المعطيات والرقمنة التي تعطي لصانع القرار نظرة استشرافية وسلاسة في اتخاذ القرار في الوقت المناسب. علاوة على ذلك، شدد على توفير منظومة بنكية ومصرفيه متخصصة في الاستثمار الصناعي لتمويل الشركات وإقامة شراكات في الاستثمارات الصناعية ومشاريع ذات بعد تنموي وتنمية شاملة مستدامة، مشيرا أن الجرائر تتوفر على الإمكانات والكفاءات الوطنية، التي بإمكانها أن تصل بالصناعة الجزائرية للمساهمة بأكثر من 10٪ في الناتج الإجمالي الداخلي الخام. وأفاد الخبير، أن التشريعات والقوانين الجديدة، على غرار قانون الاستثمار الجديد الذي يعطي مجالا أكبر ويوفر مناخ أعمال مناسبا، ستسمح بدخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والجزائر مع شركائها الاستراتيجيين، خصوصا الصين وتركيا والدول الأوروبية، والولايات المتحدةالأمريكية، ستفتح مجالا لجلب رؤوس أموال، التكنولوجيا والتقنية، مع جلب أسواق واستثمارات مباشرة في الصناعات الميكانيكية، صناعة المركبات، الصناعات التحويلية والجلود، والتحول بهذه الشراكات إلى الأسواق الإفريقية والعربية. وأضاف، أن قانون الاستثمار الجديد يعطي تحفيزات مالية، جبائية وضريبية للاستثمارات المباشرة، مشيرا إلى تسجيل حوالي 3 آلاف مشروع، منها عشرات المشاريع الأجنبية التي تريد دخول الجزائر، تزامنا مع إنشاء ثلاث وكالات للعقار الاقتصادي والوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار التي من شأنها إعطاء حرية أكبر للمبادرة وتحفيز الشباب على إنشاء مؤسسات مصغرة وناشئة، وإعطاء حلول للابتكار والإبداع. ولم يغفل الخبير المناولاتية وشدد على ضرورة الدخول في شراكات حقيقيه، وعلى تكوين وتدريب أصحاب المؤسسات المصغرة وإعطائها جزءا من الصفقات العمومية، خاصة وأن قانون الصفقات العمومية يعطي مجالا أكبر للشباب لدخول أسواق تسودها تنافسية، وحركة رؤوس الأموال. ولفت إلى دور البنوك ووجوب تحريرها أكثر لتبادر بالدخول في مشاريع وشراكات، مع إنشاء بنوك جديدة وفتح المجال أمام البنوك الأجنبية التي تريد الاستقرار في الجزائر، على غرار البنوك الصينية والتركية، التي أبدت اهتمامها بتمويل المشاريع وإنشاء مؤسسات في الجزائر. وأكد سليماني، على ضرورة دعم المجمعات الصناعية والاقتصادية التي تعاني، من خلال فتح رأسمالها، مثلما حدث مؤخرا، مع القرض الشعبي الجزائري وبنك التنمية المحلية، أمام القطاع الخاص الذي يتمتع بالمرونة والانفتاح على الأسواق، ولديه روح المغامرة لإيجاد الحلول ويعطي منتجات وخدمات ترقى لمتطلبات السوق الوطنية والأجنبية. الجزائر مطالبة اليوم - يقول المتحدث - باستقطاب شركات أجنبية، وهذا ما لاحظناه من زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى الصين، أين تكلم عن المجمعات العملاقة الصينية، مجمعات اقتصاد المعرفة وصناعة السيارات والبطاريات الكهربائية والصناعة الغازية والهيدروجين الأخضر، وكذلك المجال الفلاحي والزراعي وكلها مجالات الجزائر لديها إمكانات كبيرة فيها. كما يجب - يقول محدثنا - التركيز على الصناعات الزراعية، مثل الصناعات الزيتية والسكرية)، خاصة وأن الجزائر البلد الوحيد الذي يمنح تمويلا بنسبة 90٪ لإنشاء مشاريع الصناعة الزيتية، مؤكدا على ضرورة الترويج لمزايا قانون الاستثمار والامتيازات الممنوحة لدعم إنجاز المشاريع. وعرّج الخبير على المناطق الحرة، التي من شأنها تحقيق انتعاش الحركية التجارية والصناعية، نظرا لوجود توطين للإنتاج محليا ولتسجيل نسب إدماج كبيرة، موضحا أن نسب الإدماج تتراوح في البداية بين 30 إلى 40٪، مستدلا بالصناعات الإلكترونية في سطيف، برج بوعريريج، بلعباس وتيزي وزو، التي لديها خبرة كبيرة، سواء في القطاع العام أو الخاص. وتوقف سليماني عند الصناعات العسكرية التي تعتبر نموذجا ناجحا في نسب الإدماج والنوعية، تجعلها تنافسية في السوق العالمية. ومن هذا المنطلق، أكد على ضرورة نسخ تجربة الصناعة العسكرية في باقي المجمعات الصناعية والدخول في شراكات حقيقية بنسب إدماج عالية لتحقيق الأهداف المنشودة. هذا بالإضافة إلى دور معاهد التكوين والجامعات في تكوين يد عاملة مؤهلة وفق برنامج وأنماط معينة، مع ضرورة الاهتمام بالقطاع الخاص الذي بإمكانه فتح بنوك وصناديق استثمارية، باعتبار هذه الأخيرة هي عمود تشكيل أي نسيج اقتصادي. وأكد الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني في الختام، أهمية أن تكون سنة 2024 سنة الرقمنة والإقلاع الاقتصادي، خاصة وأنه بواسطة الرقمنة وإحصاء معطيات محينة، يمكن الذهاب إلى أقاليم اقتصادية وفق مخطط وطني لتهيئة الأقاليم، ومخطط وطني للتوزيع العادل والمتساوي للاستثمارات عبر 58 ولاية يضمن التنمية الشاملة والمستدامة.