إعادة إحياء مشاريع تتعلق بالصناعة الغذائية يرى الكثير من المتتبعين للشأن الاقتصادي، أن الخطوات التي قطعتها الجزائر في هذا المجال، قفزت بها الى مصاف الدول التي يحق لها أن تطمح إلى الانضمام لتكتّلات دولية تضم قوى عالمية في مجال الاقتصاد. والتحدّي اليوم يكمن في تنظيم السوق الوطنية المرتبطة بعدة قطاعات، فالإمكانات المالية التي تحوزها الجزائر اليوم، تتطلب تحكما أكثر في تسيير المنظومة التسويقية والمنظومة الإنتاجية في الجزائر. يرى الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، في تصريحات ل «الشعب»، أن مهمّة تمويل الأسواق والقضاء على التذبذب في بعض المنتجات والتحكم أكثر في مسار التوزيع، ومواصلة جهود الحكومة في مكافحة المضاربة والاحتكار غير المشروعين أولوية، مشيرا إلى أن التركيز على السوق المحلّي لا يعني بالضرورة التفريط في المكاسب المحققة فيما يعرف بالصادرات خارج المحروقات. فمنذ تولي رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، سدة الحكم قبل أكثر من ثلاث سنوات، ارتفع حجم الصادرات خارج المحروقات ليبلغ مستويات قياسية لم تشهدها الجزائر من قبل. في ذات السياق، يرى الخبير الاقتصادي أن تنويع المزيج الاقتصادي فيما يخص الصادرات الموجهة نحو السوق الإفريقية، يبقى أحد أهم أهداف الحكومة اليوم، مع التركيز على تسريع وتيرة فتح المناطق الحرة التجارية مع الدول المجاورة، وتشجيع المقايضة والتجارة البينية بين الدول القريبة مثل العمق الإفريقي والدول العربية. وأكد محدثنا على ضرورة الاعتناء بمشروع الرقمنة وتسريع الخطوات المتخذة في هذا المجال وتثمين النقاط الإيجابية التي بلغتها الجزائر في هذا المجال في الميدان التجاري، كالسجل التجاري الإلكتروني والتحدّي اليوم يكمن في تشجيع التجار على الاندماج في هذا المسعى من أجل التقليل من ظاهرة الأسواق الموازية وبلوغ نسبة عالية من التحكم في الأموال التي تدار في هذه الأسواق. ويرى محدثنا، أن عمل المسؤول الأول على قطاع التجارة الجديد، سيتطلب تنسيقا متواصلا مع الدوائر الوزارية التي تتداخل مع مصالحه الوزارية، كالإحصائيات المتعلقة بالإنتاج الوطني ومدى حاجة السوق المحلية للمنتجات الأجنبية، ونسب الإدماج في أي منتج محلّي الصنع. في هذا الشأن، أوضح سليماني أن تحيين قاعدة البيانات تبقى ضرورة ملحة من أجل التحكم في جميع الفواعل المؤثرة في السوق المحليّة. كما أن التشاور مع الشركاء ولجان الهيئات المنتخبة والمجتمع، يبقى ثقافة ينشدها الجميع من أجل الاطلاع على كل صغيرة وكبيرة تخص المواطن، ليس فقط من الجانب التجاري وإنّما في جميع الميادين. ويؤكد العديد من الخبراء، على ضرورة عدم اختزال الصناعة وطموحاتها في ملف المركبات فقط. فإعادة إحياء مشاريع تتعلق بالصناعة الغذائية وبعث مؤسسات عمومية كانت عرضة لسياسات خاطئة خلال فترة الحكم السابق، تعدّ من بين أبرز التحديات التي تنتظر الوزير عون على رأس وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني. ويعد ملف الاستثمار، الذي فتحت الحكومة أمامه الأبواب واسعة بقانون استثمار جديد يتناسب وطموحات الجميع، واحدا من بين المجالات التي ينتظر فيها اجتهاد كبير من طرف مصالح الصناعة والإنتاج الصيدلاني، كما يتبنى قطاع الصناعة إطارا قانونيا محفزا لترقية الاستثمار في البلاد، يساهم في الترويج لوجهة الجزائر واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، من خلال تنظيم وتسهيل إجراءات منح العقار الموجه للاستثمار الصناعي. ويرى مراقبون لسوق الصناعة الجزائرية، أن قطاع الصناعة أمام مهمة العمل وإعداد خطة استراتيجية واضحة مبنية على صناعة حقيقة فعلية للنهوض بكل الفروع الصناعية من أجل تلبية الطلب المحلي وتقليص فاتورة الاستيراد، وتشجيع إنشاء وترقية المؤسسات المناولة لتحقيق نسبة من الإدماج المحلي، يتم رفعها تدريجيا لخلق القيمة المضافة في الجزائر. ومثلما عمل قطاع الصناعة على إنشاء مركز تقني للصناعات الغذائية ومركز تقني للصناعات الميكانيكية وتحويل المعادن، فالمهمة اليوم تقتصر على إنشاء مراكز أخرى في الصناعات الكيميائية ومواد البناء، بالإضافة الى إنشاء التكتلات الصناعية التي تهدف إلى زيادة القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية عن طريق تجميع تلك الصناعات في فضاء واحد مع جميع المتدخلين في سلسلة القيم الصناعية. وتتمتع التكتلات الصناعية، بحسب بيان سابق لوزارة الصناعة، بمزايا تنافسية كخفض التكلفة وتطبيق التقنيات الحديثة وتحقيق التقارب مع موردي المواد الأولية والمدخلات. وقد تم إنشاء مجموعة من التكتلات في مجال صناعة المركبات بكل أنواعها، الصناعات الكهربائية، الصناعات الغذائية، الطاقة الشمسية، النسيج والجلود.. والهدف المنشود اليوم هو بلوغ تكتلات أخرى في مجال مواد البناء، الصناعات الإلكترونية. كما أن مجال الرقمنة يعتبر تحديّا مشتركا لجميع الوزراء الجدد والحاليين من أجل تسهيل الإجراءات الإدارية وتعزيز أجهزة الدعم بمنصة إلكترونية لدفع الملفات ومتابعة دراستها.