انخراط المرأة الجزائرية في المقاولة النسائية، بدأ يتدعم من سنة إلى أخرى والنتائج المحققة، وإن كانت محدودة في بعض المجالات، إلا أنها تؤكد حقيقة الاهتمام المتزايد الذي تبديه المرأة من أجل اقتحام عالم المال والأعمال من أبوابه الواسعة، في ظل تنامي آليات التمويل المقترحة من عدة وكالات ولاسيما الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر. في حصيلة إنجازات الوكالة حسب صيغة التمويل، تبين أنه خلال سنوات 2005 الى 2012 بلغ عدد النشاطات الممولة ،451.608 موزعة إلى ما نسبته 93.74 بالمائة في صيغة تمويل لشراء مواد أولية و فقط 6.26 بالمائة في صيغة تمويل ثلاثي، أي الوكالة والبنك و المستفيد من القرض المصغر. ومن حيث القروض الموجهة حسب صيغة التمويل والجنس فقد استفادت النساء بنسبة 62.49 بالمائة في شكل تمويل لشراء مواد أولية مقابل 37.51 بالمائة للرجال، بينما تنقلب المعادلة عندما يتعلق الأمر بصيغة التمويل الثلاثي أي باقحام البنوك، حيث لا تمثل نسبة هذه القروض الموجهة للمرأة سوى 31.62 بالمائة مقابل 68.38 بالمائة للرجال، مما يعني أن البنوك الوطنية لا تزال ثقتها ضعيفة في المقاولة النسائية وتتردد في منح القروض للمرأة، رغم ان التجارب العديدة السابقة بينت أن النساء هن الأكثر إلتزاما بتسديد القروض وفوائدها. وحسب الأرقام الأخيرة التي صدرت عن الوكالة الوطنية للقرض المصغر، فإن النساء استفدن من القرض المصغر بنسبة تفوق على الرجال ب 60.56 و 39.44 بالمائة على التوالي. أما عن حصيلة الانجازات حسب قطاعات النشاط فإن المجالات التقليدية لاتزال حكرا على النساء مثل الصناعة التقليدية ب 87.95 بالمائة والصناعات المصغرة ب 84.09 بالمائة، يليهما قطاع الخدمات ب 40.80 بالمائة والفلاحة ب 28.56 بالمائة والبناء والاشغال العمومية ب 13.34 بالمائة وأخيرا قطاع التجارة ب 13.11 بالمائة. مرة أخرى، تنقلب المعادلة عندما يتعلق بمجال تمويل النشاطات القطاعية بالنسبة للرجل، حيث يأتي قطاع التجارة في الصدارة ب 86.89 بالمائة والبناء والأشغال العمومية ب 86.66 بالمائة ثم الفلاحة ب 71.44 بالمائة والصناعات المصغرة ب 15.91 بالمائة ويأتي في مؤخرة الترتيب قطاع الصناعة التقليدية ب 12.05 بالمائة، مما يعني العزوف المتزايد للرجال لطلب قروض من أجل تمويل مشاريع في الحرف التقليدية. وبالنسبة للحصيلة حسب فئات العمر، فإن ما يثير الانتباه وبحسب الأرقام الرسمية المقدمة من طرف الوكالة،أن شريحة النساء المستفيدة من القروض المصغرة التي تناهز أعمارها ال60 سنة واكثرتقدر بنسبة 79.47 بالمائة تليها الشريحة العمرية من 50 إلى 59 سنة بنسبة 77.12 بالمائة والشريحة الممتدة من 40 إلى 49 سنة نسبة استفادتها من القروض تقدر ب 71.67 بالمائة وهكذا كلما تناقصت الشريحة العمرية كلما تراجعت نسبة التمويل ب 59.59 بالمائة لشريحة 30-39 سنة، وأخيرا الفتيات من سن 18 إلى 29 سنة استفدن بنسبة 51.09 بالمائة. وبمقارنة النساء مع الرجال من حيث استفادة القروض حسب فئات العمر، فالعكس هو الصحيح، أي كلما تزايدت الشريحة العمرية للذكور كلما تناقصت استفادتها من القروض من 48.91 بالمائة كأقصى نسبة لشريحة الشباب من 18 على 29 سنة إلى أدنى نسبة لكهول تجاوزت اعمارهم ال60 سنة بنسبة 20.53 بالمائة فقط، مما يعني أن النساء تزداد رغبتهن في تمويل مشاريعهن كلما تقدم بهن السن والعكس بالنسبة للرجال. هذه الظاهرة بحد ذاتها تحتاج إلى دراسة سوسيولوجية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية. المستوى التعليمي للمرأة مهما كان بسيطا، فإنه لم يكن عائقا للإنخراط في عالم الأعمال، حيث استفادت نساء من قروض مصغرة، بمستوى متوسط ،من تمويل بنسبة 67.49 بالمائة تليها الجامعيات ب 65.35 بالمائة ومستوى ابتدائي ب 55.64 بالمائة وحتى بدون مستوى تعليمي استفدن أيضا بنسبة 35.27 بالمائة، ب 61.52 بالمائة .