ترسيخ ثقافة الاستهلاك السليمة لحماية القدرة الشرائية تعكف الحكومة على اعتماد مجموعة من الآليات لضبط السوق الوطنية والحفاظ على استقرار الأسعار قبل حلول شهر رمضان، وهذا من خلال تموين السوق بما يكفي من المنتجات الغذائية، ومراقبة الأسعار قبل الشهر الفضيل، بالإضافة الى إصدار تعليمات لزيادة الإنتاج وتوفيره بالكميات الكافية، لأجل تغطية الطلب الوطني. قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر حسين بلعاليا، في تصريح ل «الشعب»، إن المعاملات التجارية لها ضوابط وقوانين تسيرها، على رأسها القانون التجاري الذي ينظم العلاقة التجارية بين المتدخلين، سواء كانت تجارة داخلية بين المنتج الوسيط والمستهلك، أو خارجية مستوردين وسطاء ومستهلك، وأي ممارسات خارج هذا الإطار تعتبر غير مشروعة تضر بالمستهلك. وأوضح الخبير، أن غلاء الأسعار وتذبذب السوق الوطنية في رمضان، ليس بسبب الوفرة ونقص التموين بالمواد الاستهلاكية، وإنما يرجع لكثرة الوسطاء الذين شوهوا المعاملات التجارية وتسببوا في قطع حبل الثقة بين التاجر والمستهلك، وذلك بالنظر للممارسات البعيدة كل البعد عن القيم الأخلاقية. في المقابل، أشار بلعاليا حسين إلى ممارسات بعض الفلاحين التي لا تخضع لضوابط في ظل القيام ببعض الممارسات المتعلقة بتكديس المنتوج وإخراجه عند ارتفاع الأسعار لبيعه لتجار الجملة، مشيرا أن السوق شهدت مثل هذه الممارسات في عديد المنتجات، اللحوم البيضاء، الخضر والفواكه وحتى مادة البصل سابقا، مما يستوجب مراقبة هذه الممارسات للرقي بالعمل التجاري. وأكد المتحدث في هذا الجانب، ضرورة تعزيز قيم النزاهة والشفافية في الممارسات التجارية والتعامل بصدق مع المتدخلين في العملية التجارية، بما في ذلك المستهلكون، وتجنب المضاربة والرفع من الأسعار بصفة غير مبررة في المنتجات، خاصة أيام الأعياد والمناسبات. أشار الخبير إلى الدور الهام للجنة أخلقة العمل التجاري، التي نصبت منذ سنتين، في تنظيم العملية التجارية وإعادة الاعتبار للنشاط التجاري والقضاء نهائيا على السلوكيات السلبية في الأسواق، هذا بالإضافة الى توعية وتحسيس العائلات بالثقافة الاستهلاكية السليمة حماية لقدرة المواطن الشرائية، وكذا ترشيد المستهلك وتوعيته بأهمية الاستهلاك العقلاني. وأضاف المتحدث، كل المؤشرات تؤكد توفر مخزونات كافية من المواد ذات الاستهلاك الواسع، وبشكل يكفي إلى الصائفة المقبلة، مما يسمح بتموين السوق بأريحية في شهر رمضان. هذا بالإضافة الى تسليط الضوء على المواد الأكثر طلبا، على غرار الزيت، السكر، الحليب واللحوم بنوعيها والسميد ومادة الفرينة، مما يستوجب الابتعاد عن اللهفة والاقتناء غير العقلاني للسلع. أما عن الآليات المعتمدة لضبط الأسعار والقضاء على الندرة، فقد أكد الخبير أن الجزائر مكتفية ذاتيا في الكثير من المواد واسعة الاستهلاك، حيث اعتمدت استراتجية ناجعة لضمان توفير كميات ضخمة من السلع على مدار السنة، وهذا تطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية الذي يؤكد، في كل مرة، على ضرورة تموين السوق بمختلف المواد الغذائية. وصرح المتحدث في ذات السياق، أن الدولة بريئة من رفع التجار لأثمان السلع، والدليل الإجراءات التي تتخذها في كل مرة لكسر حلقة التذبذب والتهاب أثمان مختلف المواد واسعة الاستهلاك، هذا بالإضافة الى الإجراءات الردعية التي تشنها ضد المضاربين، وساهمت في استقرار السوق الوطنية وعودة مختلف المواد الغذائية الى رفوف المحلات التجارية. الجدير بالإشارة، أن منظمات وجمعيات حماية المستهلك، بالتنسيق مع مديريات التجارة عبر الوطن، قامت- سابقا- بالتوعية والتحسيس من ظاهرة المضاربة والدعوة إلى ترشيد الاستهلاك لضمان استقرار السوق الوطنية، بما يخدم التاجر والمستهلك على حد سواء. كما تعمل حاليا ميدانيا وعبر 58 ولاية على ترشيد الاستهلاك ومنع عودة بعض السلوكات التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، خاصة مع اقتراب شهر رمضان.