ربط الشبكة الشمالية بالجنوب الكبير على مسافة 880 كلم أعلنت الجزائر على لسان وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، عن "مشروع القرن" في قطاع الطاقة، وهذا في إطار ربط شبكة الكهرباء بين الشمال والجنوب الكبير، يهدف إلى تدعيم الأنشطة الاقتصادية، على غرار استكمال انجاز مشروع " السكك الحديدية "بين الشمال والجنوب، فضلا عن تأمين احتياجات المواطنين من الطلب على الكهرباء عبر ربوع الجمهورية، فيما سيجري ربط اتصالات مع بعض دول الساحل الإفريقي لتوفير طاقة الكهرباء الجزائرية هناك، باعتبار أن الجزائر أضحت قوة كبيرة لا يستهان بها في هذا المجال في المنطقة، في نقل وإنتاج وتوزيع الطاقة وتحكم الجزائريين في هذا المجال. كشف الوزير خلال كلمة ألقاها في فعاليات الطبعة الثامنة والعشرين ليوم الطاقة، تزامنا مع إحياء يوم العلم الموافق لتاريخ 16 أفريل، نظمت على مستوى قاعة المحاضرات لمدرسة التكوين المهني في الكهرباء والغاز لسونلغاز ببن عكنون، أن القطاع خصص ميزانية 200 مليار دينار للشروع في انجاز مشروع القرن المتمثل في ربط الشبكة الشمالية بالجنوب الكبير بواسطة خطوط الجهد العالي 400 كيلوفولط على مسافة 880 كلم. وذلك من أجل تعزيز إمدادات الطاقة الكهربائية وتحسين جودة واستمرارية الخدمة العمومية وكذا دمج كمية هائلة من الطاقات المتجددة من أجل الانتقال الطاقوي وتنمية الجهات الجنوبية للبلاد بغية دمجها في الممرات الإفريقية، مبرزا أن هذا المشروع سيتم إنجازه بأيادي جزائرية وسواعد وطنية خالصة، وبالدينار الجزائري بمشاركة شركات محلية وطنية وخاصة. وبالمناسبة، أشار عرقاب أن السياسة الطاقوية في الجزائر تعتمد على تنويع مصادر الطاقة المستخدمة ورفع كفاءة استهلاكها وترشيده والحفاظ على الموارد من خلال تحقيق نسبة 30% على الأقل من الطاقات المتجددة في مزيجها الطاقوي بحلول عام 2035، وذلك عن طريق انجاز البرنامج الوطني للطاقات المتجددة بقدرة 15 ألف ميغاواط. وتم إطلاق المرحلة الأولى منه من خلال التوقيع على عقود مع الشركات الوطنية والأجنبية الفائزة بالمناقصة الوطنية والدولية لأول مرة في تاريخ الجزائر بقدرات هامة تصل 3000 ميغاواط من الطاقة الشمسية والكهروضوئية، موزعة على 20 موقعا عبر 13 ولاية عبر الوطن، بطاقة تتراوح ما بين 50 و350 ميغاواط لكل مشروع، حيث تم الانطلاق فعليا في انجاز العديد منها. من جهة أخرى، أكد ممثل الحكومة، انه "يجري حاليا تنفيذ مشاريع تجريبية للتحكم في سلسلة قيمة إنتاج الهيدروجين بأكملها. ومن بين هذه المشاريع، نذكر مشروع شبه صناعي بقدرة 50 ميغاواط، بحيث سيتم تحويل الهيدروجين المنتج الى أمونيا أوميتانول، وذلك في وحدات الإنتاج المتواجدة في منطقة أرزيو". ولفت الوزير الى أن قطاع الطاقة، يعمل حاليا، على تصميم نموذج طاقوي وطني، بمساهمة ومشاركة خبراء كل القطاعات المستهلكة للطاقة بكل أنواعها، مما سيتيح لنا إعداد رؤيا استشرافية لمختلف السيناريوهات المستقبلية الممكنة، منها تلك المتعلقة بالانتقال الطاقوي، بإدخال الطاقات المتجددة في المزيج الطاقوي الوطني إضافة الى تلك المعنية بالنجاعة الطاقوية في القطاعات الأكثر استهلاكا، كالسكن النقل والصناعة،على حد قوله. وستمكن دراسة مخرجات هذا النموذج الطاقوي يقول الوزير من وضع خطة طريق متوسطة وبعيدة المدى، من بين أهدافها ضمان الأمن الطاقوي، تحديد النهج الأنسب لانتقال طاقوي سلس يأخذ بعين الاعتبار كل الإمكانات الطبيعية والبنى التحتية، إضافة إلى تحديد الإجراءات فيما يخص الكفاءة الطاقوية، وذلك بإدراج حلول مبتكرة جديدة من شأنها المساهمة في الترشيد والتقليل من الوتيرة المتسارعة للطلب الوطني على الطاقة. كما أن الجزائر تعمل في إطار الشراكة الأوروبية خاصة مع ألمانيا والنمسا وإيطاليا لتجسيد مشروع إنشاء الممر الجنوبي للهيدروجين، يقول عرقاب، الذي يؤكد أنه يمثل مشروع طموح يتطلب مشاركة شركات أوروبية كبرى مع سوناطراك من أجل انجازه والرابط بين القارتين من أجل دعم الأمن الطاقوي للمنطقة. وتحدث الوزير عن البحث والتنقيب عن المعادن النادرة الذي يُعد بحسبه من بين المحاور المهمة لإستراتيجية البلاد، وأشاد بمؤشرات جد هامة على تواجدها، لاسيما تلك المستخدمة في صناعة الطاقات المتجددة وفي تقنيات تخزين الكهرباء مثل الليثيوم والزنك والنحاس والكوبالت والمنغنيز والأتربة النادرة إلخ، حيث تم إطلاق، في هذا المجال، مشاريع هامة كمشروع استغلال منجم الزنك والرصاص بولاية بجاية، والعمل جاري بهدف تثمين الثروات المنجمية وتطوير المجال المنجمي بالجزائر بغية الاستغلال الأمثل لهذه الثروات.