تسعى الجزائر إلى تطوير شعبة تربية المائيات المدمجة مع الفلاحة وتنويع أصنافها، من خلال تعزيز الاستثمار الخاص في مجال إنتاج الأسماك في الأقفاص العائمة في البحر أو في المياه العذبة عبر ولايات الوطن الثماني والخمسين، بغية دمج هذا المجال الاستهلاكي الهام في دورة الاقتصاد الوطني. تعتبر شعبة تربية المائيات من المشاريع المُنتجة قليلة التكلفة؛ كونها لا تحتاج إلى تقنيات عالية ووسائل معقدة في عملية الاستزراع السّمكي والإنتاج، مع مردودها المرتفع في أحواض البحر والمياه العذبة، وهو ما سيؤدي إلى تزايد الإنتاج الوطني بشكل تدريجي في هذا المجال، وسيكون له تأثير كبير على أسعار مختلف أصناف السمك وانخفاضه في الأسواق الوطنية مستقبلاً. وفي هذا الشأن، قال خباب علال وهو خبير مهني في تربية الأحياء المائية بالأوساط العذبة، أنّ تربية المائيات نشاط إنتاجي اجتماعي للأسماك خارج مجالها الطبيعي البحري، واستزراعها داخل نطاقات مُتَحكَّم فيها، تتيح السيطرة على كمية ونوعية الأسماك المُراد تربيتها على مدار العام. وأبرز علال في تصريح ل "الشعب"، أنّ هناك جملة من الأسباب أدّت إلى اهتمام الدولة بشعبة تربية الأسماك وتطوير الاستثمار فيها، منها زيادة تكاليف الصيد من المياه الطبيعية البحرية وارتفاع أسعار المدخلات ووسائل الصيد واليد العاملة المتخصصة في النشاط داخل البحار، وانحصار إنتاجية التجمعات المائية الكبرى بسبب انتشار حالات الصيد الجائر واستخدام طرق اصطياد غير قانونية، وكذا تَضخُّم نسب التلوث في البحر نتيجة تسربات الصرف الصحي وغيرها من المنغِّصَات. وتابع محدّثنا بأنّ شعبة تربية الأسماك في الجزائر تكتسي أهمية بالغة، منحتها الدولة عناية لتنميتها وترقيتها من خلال فصل قطاع الصيد البحري وتربية المائيات عن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، واستحداث حقيبة وزارية خاصة بها تُعْنَىَ بجميع المهام كالدعم التقني والإحصاء والتنظيم، مع ربطها بأهداف تنموية خاصة بتشغيل الشباب عبر صناديق الدعم المحلية بجميع أشكالها مثلها مثل أي نشاط اقتصادي منتج في البلاد. فضلا عن ذلك، جرى فيما مضى من سنوات فتح شُعب علمية وتقنية على عدة مستويات بدءًا من قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، إلى مراكز التكوين المهني والتمهين بغية تعميم فرص التدريب والتكوين والتعليم على كافة أفراد المجتمع الراغبين في ذلك، وتكثيف الدورات التكوينية السريعة الموجهة للفلاحين والمنتجين لإتاحة التعرف على تقنيات هاته الشُّعبة الهامة للجميع، بحسب قوله. كما لفت خباب إلى أن تربية الأسماك في الأحواض البحرية والعذبة يَقضِي على موسمية الإنتاج السّمكي عبر ولايات الوطن الساحلية، ويُؤدّي الأمر إلى تحقيق التوازن التسويقي بين العرض والطلب على المنتجات، وبالتالي الذهاب نحو وفرة مستدامة واكتفاء ذاتي في فترات مختلفة من السنة، مع تطوير وتحسين حجم الاحتياطي الطبيعي من الأسماك المحلية، والاستفادة من مُخلّفات الأسماك والتحسينات العضوية الموجهة للمياه ممّا يُخفِّض من نسب استعمال الأسمدة والمُخصِّبات الكيميائية في مجال الزراعة، ناهيك عن ترشيد واقتصاد استخدام مياه السدود والجوفية للسّقي الفلاحي. من جهته، أوضح رئيس مجلس الاستثمار والتعاون الدولي، إسماعيل حمروني، أن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، يبذل جهودًا لبعث عجلة الاستثمار الوطني وتنويعه خاصة في مجال شعبة تربية المائيات، نظير دورها الإيجابي في تحقيق الاكتفاء الذاتي بالمنتجات السمكية. وأضاف حمروني في اتصال مع "الشعب"، أنّ هناك كثير من الاستثمارات انطلقت وبصورة حديثة ومتطورة في تربية المائيات، حيث تعتبر الشعبة من أهم المجالات الخصبة للاستثمار، وقطاع واعد في الجزائر يمكن للدولة التعويل عليه للاستثمار فيه وتحريك عجلة التنمية في المناطق الساحلية والداخلية والصحراوية، وهو ما يجعل القطاع البحري عموما بمختلف نشاطاته بديلا وصورة من صور التنويع الاقتصادي. ووفقًا لرئيس المجلس ذاته، تسعى الجزائر إلى ترقية الاستثمار وتحقيق التكامل الاقتصادي عبر إصدارها لقانون استثماري جديدٍ عالج الكثير من العقبات التي كانت عائقا في طريق المتعاملين الاقتصاديين، سيعود مستقبلا بالفائدة على البلاد من خلال استقطاب مشاريع نوعية في مختلف المجالات ومنها شعبة تربية المائيات.