احتفل القادة الأفارقة السبت الماضي، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بمرور خمسين سنة على تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية في 25 ماي 1963، وحملت سنة 2002 تسمية الاتحاد الإفريقي، بطموحات أكبر وأفاق أوسع للتعاون والاندماج بين دول القارة. تحدث كل واحد من ممثلي حكومات البلدان الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، مدة 3 دقائق عن مسار الوحدة، وما تم تحقيقه، ومازال بعيد المنال والجهود والآليات اللازمة لبلوغه، بدعم من شركاء القارة سواء الذي تسببوا في آلام شعوبها ويقاسمونهم اليوم الانشغالات والمساعي نحو التقدم، أو من منحوا أيديهم للأفارقة قبل وبعد حركات التحرر من أجل وضع حجر الأساس لبناء دول كاملة السيادة من الناحية السياسية إلى أن يحين موعد الاستقلال الاقتصادي والاكتفاء الذاتي. «إن الانتصارات الكبرى المحققة في هذا النضال التاريخي تنتظر تتويجا من خلال استكمال تصفية الاستعمار في القارة الإفريقية من خلال ممارسة الشعب الصحراوي لحقه الثابت في تقرير مصيره»، هذا المقطع من كلمة الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي مثل رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في القمة العادية للاتحاد الإفريقي، مجددا ثبات الجزائر على مبادئها الداعمة لتصفية الاستعمار الذي تأسست في سياقها منظمة الوحدة الإفريقية . وقال رئيس وزراء إثيوبيا، هايلي مريم ديسالين «إن الآباء المؤسسين للوحدة الإفريقية اتفقوا على تأسيس المنظمة القارية مع فجر الاستقلال قبل خمسين عاما، ومن المناسب أن نلتقي مجددا اليوم في وقت تنهض فيه إفريقيا «مضيفا أن» بناء قارة خالية من الفقر والنزاعات ينعم فيها مواطنونا بوضع بلد متوسط الدخل « يمثل هدفا جديد لإفريقيا». واعتبرت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي نكوسازانا دلاميني زوما، أن الاكتفاء الذاتي والاستقلال الاقتصادي اللذان تحدث عنهما الأوائل لم يتحققا بعد، وأن بلوغهما لن يكون إلا بالتضامن والاتحاد الذي من شأنه إسكات السلاح وإزالة التفاوت الاجتماعي أيضا. ودعا الرئيس السنغالي، ماكي صال، إلى «الكف عن جلد الذات لان إفريقيا قطعت خطوات عملاقة» ودعا باقي المتدخلين إلى مصالحة بين الدول التي تعرف خلافات وتوتر في العلاقات، ومصالحة داخلية بين الشعب والحكومات، من خلال الاستجابة إلى تطلعات الشباب، وطموحات المرأة واقتراحات ونضال المجتمع المدني. وكانت مداخلة الوزير الأول السابق لجاميكا، بارسيفال جيمس بترسون، الأكثر تميزا حيث صعدا إلى المنصة وهو يردد أنغاما افريقية، وقال أن «جذوري الإفريقية تحتم علي البدء بهذه الموسيقى» وشدد على أن «كلمة أسود لا يجب أن تكون مرادفة لمركب نقص على غرار القائمة السوداء». ولأن إقامة علاقات خاصة بينها وبين افريقيا يعد أمرا استراتيجيا في سياستها الخارجية، أعلنت البرازيل إلغاء 900 دولار ديون 12 دولة إفريقية، وأثنت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف على التعاون جنوب جنوب وامتداداته التاريخية، ومثل مقر الاتحاد الإفريقي الجديد بأديس أبابا، الذي بنته ومولته الصين رمزية خاصة عن العلاقات الصينية الأفريقية. وأرادت فرنسا، من خلال رئيسها فرنسوا هولاند أن تركز على جانب الأمن، حيث جدد استعدادها دعم البلدان الإفريقية في محاربة الإرهاب، وأعلنت عن تنظيم مؤتمر «للسلم والأمن بإفريقيا شهر ديسمبر القادم» وستتواصل الاحتفالات بخمسنية تأسيس الوحدة الإفريقية، على مدار السنة بإثيوبيا وخصص لها ميزانية قدرها 3 ملايين دولار. ولاشك أن المشاركين في احتفالية، يوم إفريقيا سيستفيقون بداية من اليوم، على حقيقة دأبو على مشاهدتها طيلة السنوات الماضية، من خلال النزاعات والتوترات وحركات التمرد والمجاعة والفقر وإغاثة اللاجئين، واستمرار احتلال الصحراء الغربية من طرف المغرب، والإنقلابات العسكرية والنظرة الدونية المصلحية للدول الغربية، وغيرها من المشاكل التي تتطلب تفعيل الخطابات الحماسية على الأرض، واكتساب جرأة أكبر لحماية المصالح من أنياب القوى الإمبريالية.