يشارك ثلاثون رئيس دولة وحكومة، اليوم، في مراسم تنصيب رئيس مالي الجديد ابراهيم بوبكر كيتا الذي أدى اليمين الدستورية في 4 سبتمبر الماضي. ويمثل الوزير الأول عبد المالك سلال رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في هذا الحفل الرسمي، وسيكون مرفوقا بوزير الشؤون الخارجية والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية وسيستغل سلال المناسبة ليجري محادثات مع السلطات المالية قصد تعزيز العلاقات بين البلدين من خلال تفعيل أكثر التعاون الثنائي في كافة المجالات ذات الاهتمام المشترك. وتجري مراسم التنصيب بملعب 26 مارس ببماكو حيث سيتم بث فيلم يستعرض مشوار رئيس مالي الجديد بوبكر كيتا الذي حدد كأولوية خلال عهدته التي تدوم خمس سنوات المصالحة الوطنية ببلده الذي يعيش أزمة منذ 18 شهرا. كما سيتخلل الحفل وصلات موسيقية وثقافية تكون متبوعة باستعراض عسكري لقوات البعثة الأممية إلى مالي والقوات المسلحة المالية. وبالمناسبة، أكد وزير الشؤون الخارجية زهابي ولد سيدي محمد أن حدث 19 سبتمبر سيجسد العودة إلى النظام المؤسساتي بمالي بعد 18 شهرا من الأزمة السياسة والعسكرية. وكان رئيس مالي الجديد البالغ من العمر 68 عاما، وعد أثناء أدائه اليمين الدستورية بداية الشهر بأنه سيعمل على تحقيق المصالحة بين جميع مكونات شعب مالي وفئاته، وأعلن أن من أولويات سياسته إرساء دولة القانون والنهوض بالجيش ومكافحة الفساد. واعتبر كيتا أنه «عصر جديد يبدأ، مليء بالوعود والتحديات من أجل مالي جديدة». الأولوية للمصالحة وإعادة البناء ولتحقيق برنامجه الواعد الذي يرمي الى اخراج دولة مالي- التي تصنف من بين أفقر خمسة بلدان في العالم -من أزمتها السياسية والأمنية، كان ابراهيم بوبكر كيتا قد عين عمر تاتام لي (49 عاما) رئيسا للحكومة. وهذا الاختيار لم يكن عفويا فتاتام لي خبير اقتصادي سبق وأن عمل في البنك الدولي وبنك مجموعه دول غرب إفريقيا؛ وهو يملك كل المؤهلات لمواجهة التحديات الكبرى المطروحة على الساحة المالية. ويعد انتخاب رئيس جديد لمالي وتشكيل حكومته، قطيعة مع الماضي، وعودة الى المؤسسات الديمقراطية ونهاية فترة انتقالية استمرت منذ أفريل 2012، إثر انقلاب 22 مارس. وخرجت الحكومة الجديدة الى العلن عبر مرسوم صادر عن الرئاسه المالية، لتضم 34 حقيبة وزارية. وكان أول ما لفت الانتباه فيها هو استحداث وزارة للمصالحة الوطنية وتنمية المناطق الشمالية، كلف بها الشيخ عمر ديارا، وهو دبلوماسي مالي، سبق أن كان سفيرا لدى الولاياتالمتحدة؛ وهي مهمة سيحظى فيها بدعم من وزير الخارجية الذهبي ولد سيدي محمد، العربي الوحيد في الحكومة الجديدة. وستكون أولى مهام الحكومة تحقيق المصالحة الوطنية والدخول في مفاوضات مع الطوارق في شمال البلاد، وذلك من أجل التوصل الى حل نهائي لأزمة إقليم أزواد، وهي أزمة أرهقت الدوله المالية منذ الاستقلال حتى الآن. حركات الأزواد مع الوحدة وعدم المساس بالحدود ويبدو جليا بأن الضوء بدأ يبزغ من نهاية النفق، حيث اجتمعت الحركات المسلحة للأزواد بشمال مالي لأول مرة بالعاصمة المالية باماكو بمبادرة من وحدة الادماج والاتصال بدعم مادي من الجزائر، وقررت الموافقة على الحوار مع الحكومة المالية الجديدة. وجاءت موافقة ممثلي الحركة الوطنية من أجل تحرير الأزواد والحركة العربية للأزواد والقوى الوطنية للمقاومة للأزواد والمجلس الأعلى الموحد للأزواد، أمس الأول الثلاثاء عقب ثلاثة أيام من المحادثات مع الحكومة بهدف وضع حد للأزمة بشمال مالي. كما اتفقوا على تشكيل مجموعة عمل للقيام بمفاوضات مع الحكومة المالية الجديدة التي نصبت مؤخرا. وقد استقبلت هذه الحركات من طرف الرئيس المالي الجديد ابراهيم بوبكر كايتا مباشرة بعد اختتام اجتماعها الذي وصفته بالتاريخي. وحسب هذه الحركات، فإن السلامة الترابية لمالي ووحدة الشعب المالي مسألتان غير قابلتين للتفاوض متفقة بذلك مع الرئيس المالي الذي حدد المصالحة الوطنية والوحدة الوطنية كأولوية أساسية لعهدته. وعقب محادثاته مع رئيس الدولة المالي، أكد ممثل المجلس الأعلى الموحد للأزواد محمد أغ أخانبي أن حركات الأزواد قررت عدم التحدث عن انقسام مالي والمضي سويا نحو المراحل القادمة من المفاوضات مع الحكومة اعتمادا على أرضية مشتركة. ومن جهته، أوضح ممثل الحركة الوطنية من أجل تحرير الأزواد ابراهيم محمد أسالي أن مجموع حركات الأزواد تأمل في ايجاد حل نهائي لمشاكل الأزواد التي تستمر منذ 1963 . كما جددت جماعات الأزواد تمسكها بمبدأ عدم المساس بالحدود مثلما تنص عليه المعاهدة التأسيسية للإتحاد الإفريقي. تنظيم التشريعيات في 24 نوفمبر المقبل إقترح رئيس وزراء المالي عمر تاتم لي تنظيم الجولة الأولى للانتخابات التشريعية في 24 نوفمبر القادم على أن تجرى الجولة الثانية في 15 ديسمبر. وأعرب تاتم لي خلال إجتماعه مع مسؤولين في 15 حزبا سياسيا ممثلين في مجلس الشعب رغبة الحكومة في تنظيم اقتراع الجولة الأولى للانتخابات التشريعية في 24 نوفمبر القادم والجولة الثانية في 15 ديسمبر القادم مؤكدا أن هذه الأجندة سيتم رفعها قريبا إلى مجلس الوزراء. للاشارة، فقد بدأت أزمة مالي في جانفي 2012 في الشمال، بهجوم شنه المتمردون الطوارق الذين سرعان ما حلت محلهم مجموعات ارهابية على علاقة بتنظيم القاعدة وسيطرت على هذه المنطقة الشاسعة بعد أسبوع على انقلاب عسكري أدى في 22 مارس 2012 الى الاطاحة بالرئيس أمادو توماني تراوري. ثم تمكن الارهابيون بعد ذلك من القضاء على تمرد الطوارق والجيش المالي وارتكبوا تجاوزات لا تحصى قبل أن يتم طردهم ابتداء من جانفي 2013 عبر تدخل عسكري فرنسي إفريقي لا يزال جاريا. وأجج النزاع الى تهجير حوالي 500 ألف شخص. وعلى رغم المخاوف الأمنية، نظمت مالي الانتخابات الرئاسية التي لم تتخللها حوادث كبيرة واعتبرها المراقبون الوطنيون والدوليون جيدة وأشاد بها عدد من الدول والمنظمات. وإذا كان في مقدور كيتا الاعتماد على المجموعة الدولية التي وعدت مالي في ماي بمساعدة كبيرة تبلغ 3,2 مليارات يورو، فإن أعباء كبيرة تنتظره. وفي رسالته الأخيرة الى الأمة بصفته رئيسا انتقاليا، أكد ديونكوندا تراوري أن كيتا - هو بقوة الامر الواقع رئيس في زمن التحديات المعقدة والمتعددة الاشكال ورئيس في زمن المصالحة واعادة التأسيس والاعمار. ودعا الماليين الى دعم الفريق الجديد في السلطة.