يدافع باستماتة على اللغة العربية، ويؤيد من يقول أن اللغة تحيا بأهلها وتقتل على أيدي أبنائها، ورغم اختصاصه في الآداب إلا أن غيرته على ماضي بلاده الثري جعله يطرق باب التاريخ لينفض الغبار على علماء الجزائر، واختار الانطلاقة من «زواوة»، هو المثقف محمد الصغير بن لعلام، الذي كانت له جلسة ولقاء مع صحفيين ضمن منبر ضيف «الشعب» في فترة تتزامن والاحتفاء بيوم عاشوراء. أخذت الغيرة القاتلة بعاتق محمد الصغير بن لعلام، لتدفعه إلى تزويد عنوان إصداره الجديد «علماء من زواوة» ضمن منشورات المجلس الإسلامي الأعلى بمفردة أصبحت غريبة على مجتمعها، هي «زواوة» والتي تعني ما يعرف حاليا ب «القبائل» الكبرى والصغرى معا، هذه الأخيرة التي قال عنها ذات المثقف أنها مصطلح استدماري استعمل في إطار «فرق تسد»، بحكم أن كلمة «قبائل» لا يوجد لها أي اثر في كتب ما قبل الاستعمار، حيث كانت «زواوة» الموجودة في تلك الكتابات، وما عودة بن لعلام إلى هذا المصطلح إلا دليل على تصديه للعولمة الثقافية التي اجتاحت عالم اللغة وأرادت كسرها وفرض ألفاظا من عقر دارها إلا أنها بمعاني تهدم أكثر ما تبني. بقيت عبارة سمعها محمد الصغير بن لعلام من طرف الدكتور شكري فيصل في سوريا، تقول «عليكم أبناء المغرب العربي أن تبحثوا عن تراثكم وتزيلوا الغبار الذي تراكم منذ قرون»، بقيت تراود بن لعلام وتزيد غيرته درجات، وبعدما تفرغ للبحث والكتابة، أراد في أول انطلاقة له إلى التعريف بعلماء الجزائر، وبتنقيبه في عالم الكتاب العربي في مختلف المكتبات وعبر عديد الدول تفاجأ بعدد هائل من علماء كانوا من النخبة، الذين اعتمد عليهم في عديد المواقف الصعبة التي تتطلب شخصية إذا تكلمت اقنعت مهما كانت قيمة ووزن المتحدث، كشيخ الإقراء العلامة أبو محمد زين الدين الزواوي، الذي اختاره الملك الظاهر بيبرس لتولي منصب القضاء المالكي في 664 ه حيث لم يجد في كل علماء الشام من يصلح لهذا المنصب، إضافة إلى العلامة القاضي شرف الدين عيسى بن مسعود أبو الروح المنكلاتي، وتبقى القائمة طويلة والتي اقتضب عدد منها الكاتب والباحث في كتابه «علماء من زواوة» في انتظار جزء اخر يضمن مجموعة أخرى من أبناء الجزائر العلماء الكثر. أما عن هجرة علماء الجزائر نحو المشرق خاصة، فقد رآها محمد الصغير بن لعلام ليست لتأكيد ان «الجزائري لا تتفتح عبقريته إلا في المهجر، ولا يجد نفسه إلا مع الأغراب»، وإنما بحكم ان هؤلاء العلماء يعشقون السفر، يهوون الترحال، وشغوفون بالمغامرة، وكانت آمالهم لا حدود لها، كان هدفه الأسمى فرض شخصيتهم الفكرية ومكانتهم العلمية في مختلف مناطق العالم الإسلامي.