قدّم الباحث محمد الصغير بن علام، أول أمس بمقر المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر العاصمة، كتابه الصادر حديثا تحت عنوان “علماء زواوة”، في محاولة منه لنفض الغبار عن التراث العلمي الجزائري، الذي يبقى غير معروف مقارنة بالعلماء المشارقة وغيرهم من دول العالم. قال محمد الصغير بن لعلام إن بعض المؤرخين والباحثين لم يهتموا ولم يعطوا منطقة زواوة حقها، وهي المنطقة التي قدّمت الكثير للحضارة العربية الإسلامية، الأمر الذي دفعه للاهتمام والبحث في هذا التراث الوطني، خاصة أنه يملك مكتبة ضخمة تحتوي على آلاف أمهات الكتب، ويشتمل كتابه الصادر عن المجلس الإسلامي الأعلى، على سيرة 15 عالما من منطقة الزواوة، وذلك من القرن الثالث الهجري إلى يومنا هذا. ويضم الكتاب ترجمة ودراسة لعيّنات من مؤلفات العلماء الزواويين النابغين في مختلف الفنون والعلوم العقلية والنقلية، وكانوا أساتذته داخل وخارج الوطن، كما يحتوي أيضا على ملحق، عبارة عن بحث أُعد بمناسبة الاحتفال بتلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية تحت عنوان “التبادل المعرفي بين منطقة بجاية ومنطقة تلمسان”، حيث أبرز أوجه التبادل العلمي بين علماء المدينتين في فترة سابقة. وذكر الباحث أنه ركّز على تقديم أسماء غير معروفة عمدا، وإبراز مكانتهم العلمية على غرار العلاّمة سيدي عبد الرحمان الأخضر والعلاّمة المشدالي وأبو الروح المقلاتي وابن معطي، الذي ترك 20 مؤلفا ولم ينشر منها سوى كتابين، وهي أسماء ذاع صيتها في المشرق العربي في كل من المسجد الأموي بدمشق، والأزهر بالقاهرة، وبالقدس كذلك، موضحا أن معظم العلماء الجزائريين كانت لهم ميزة السفر، وأغلبهم كانوا يفضلون دمشق. وكشف الكاتب أن للجزائر تراثا ضخما أهمله المؤرخون والمؤلفون، وأن هناك كتبا في تفسير القرآن الكريم لم تُنشر أبدا، معتبرا كتابه محاولة متواضعة منه لتحريك الساكن من التراث الجزائري، وفتح الشهية لبقية الباحثين في تعزيز هذا المسعى بالتعريف بعلمائنا. تجدر الإشارة إلى أن كتاب “علماء الزواوة” ثمرة مجهود دام سنوات في أمهات الكتب والتراجم، وسيُلحق بالجزء الثاني له قريبا. ومن بين العلماء الذين شملهم الكتاب محمد بن قاسم الزواوي وابنه بلقاسم ابن عبد الله، وهو يُعتبر أول عالم يحمل لقب زواوة في سنة 280 هجري، وابن معطي الذي ألّف “ألفية ابن معطي” التي نظّمها وهو في ال 31 عاما، والتي أخذ منها ابن مالك الذي كتبها في كهولته، وأبو الفضل المشدالي الذي يلقَّب فريد عصره، إذ تخرّج في سن ال24 وأخذ العلم من 10 علماء في بجاية وتلمسان وكان يتقن 28 علما، وذهب إلى المشرق كمدرس في المسجد الأموي وفي جامع الأزهر.