عادت مرة أخرى أسعار المواد الاستهلاكية، لاسيما منها الخضر والفواكه، إلى الارتفاع بشكل أقلق المستهلك المتضرر الأول من هذه الزيادات التي لا تكاد تنقطع ودون سابق إنذار، أو تقديم تفسيرات مقنع عن سببها، في غياب أي رقابة ردعية في ظل الأسعار الحرة للسوق. وتشهد مادة الحليب ندرة في التوزيع بسبب عدم وفرتها حيث أرجع موزعو هذه المادة الأساسية إلى تسجيل نقص في الإنتاج وعكفوا على تشريح أسباب النقص في عملية التموين. رغم أن ما يناهز 175 وحدة إنتاج حليب عمومية وخاصة تتوزع عبر كامل التراب الوطني وتنتج ما يناهز 1,5 مليار لتر حليب، بحسب الأرقام التي كشف عنها الديوان المهني المشترك للحليب ومشتقاته، إلا أن الأزمة الأخيرة في تغطية الطلب المتزايد على مادة الحليب، سواء المسوق في الأكياس أو العلب الورقية، جعل الموزعين عبر العاصمة يخرجون عن صمتهم ويكشفون عن أسباب التذبذب في عملية التموين، أسفر عن نقص هذه المادة الضرورية في الأسواق وهذا ما جعل سعر حليب العلب الكرتونية يرتفع من 70 دينارا، إلى 95 دينارا، حيث اعترف الموزع والنقابي، عدلان بوبكر، أن الطاقة الإنتاجية تراجعت بكثير وأعطى مثالا على ذلك بمركب الحليب الكائن ببئر خادم، بالعاصمة، الذي قال بشأنه، رغم تعزيزه بآلات إنتاجية جديدة إلا أن إنتاجه تراجع من 520 ألف لتر يوميا إلى 450 ألف لتر، رغم أنه كان من المفروض أن يقفز الإنتاج إلى 600 ألف لتر مقدرا العجز الحالي ب150 ألف لتر، رغم التعزيزات وتحديث آلات المؤسسة. ويضاف إلى ذلك، إنتاج ملبنة بودواو الذي يتراوح ما بين 300 و350 في وقت بلغ عدد الملبنات في العاصمة 16 ملبنة. وخلص الموزع بوبكر إلى القول، إن استقرار إنتاج مركب الحليب ببئر خادم سيفضي إلى الاستقرار في تموين سوق الحليب، بينما يحمل الموزع، بنور أمين، سلسلة من الانشغالات التي قال إنها تتسبب في تراجع الإنتاج في صدارتها ضعف الإنتاج وكثرة الانتظار لشحن الموزع مادة الحليب قد تصل إلى 10 ساعات كاملة رغم وجود العمال الذين قال إن قنوات الحوار بين النقابة والإدارة مسدودة، مما أثر على الإنتاج والتوزيع وكذا تغطية السوق. ومن بين المطالب التي رفعها موزعو الحليب، الرفع من هامش الربح الذي لم يتغير طيلة 20 سنة، حيث لا يتجاوز 15 سنتيما في الكيس واقترحوا رفعه إلى (2) دينارين للكيس، وطرحوا كذلك مشكل وفرة آلات الغسيل لتنظيف صناديق الحليب. ويبقى الانتقال من استبدال أكياس الحليب البلاستكية إلى العلب الورقية وتعميمها بشكل كامل على مستوى جميع مصانع الحليب العمومية والملبنات الخاصة تحديا حقيقيا يفرض تحضير السوق ودراسة التكاليف الإضافية وضرورة توفر آلات التعليب الورقي، كون المشروع يعد خطوة ضرورية، لأنها تنعكس بشكل إيجابي على صحة المستهلك وكذا البيئة على حد سواء، وهناك تساؤل من طرف المهنيين يكمن إن كان هناك دعم لتغطية الفارق بين الكلفة الورقية والكيس البلاستيكي. وتأتي تعليمة الوزير الأول، عبد المالك سلال، لتمنح لمنتجي مادة الحليب مدة لا تتعدى الثلاثة أشهر من أجل اختفاء الكيس البلاستيكي من الأسواق وتعويضه بالعلبة الورقية. ويبقى مسحوق الحليب، الذي يؤكد المنتجون أن أسعاره عرفت ارتفاعا محسوسا، انعكس على وفرة الحليب في الأسواق ولم تعد متوفرة بالشكل الكافي لدى جميع المنتجين، وعبر كافة الملبنات، مما أدى إلى تسجيل ارتفاع في أسعار العديد من مشتقات الحليب.