يتميز شهر رمضان المبارك بمنطقة سطيف بنكهة خاصة ، تطبعها عادات يلتزم بها معظم السكان و يحافظون عليها جيلا بعد جيل ،حيث يفضل الكثير من أبناء المنطقة قضاء أيام الشهر الفضيل في أحضان العائلة الكبيرة في المدن وحتى في الأرياف ،أين تجتمع العائلة حول مائدة رمضانية واحدة ،ولذلك نجد الكثير من مغتربي المنطقة يعودون إليها، حتى يشعروا بطعم الصيام و نكهة الشهر الفضيل. وعادة ما تبدأ الاستعدادات والتحضيرات لاستقبال الشهر الفضيل ،بقيام ربات البيوت رفقة بناتهن بعملية تنظيف كبيرة قبل أيام فقط من الشهر الكريم ،وهي العملية التي يقمن بها كل رمضان ،حيث يعتبرن أنه يتعين استقباله بالطهارة والنظافة ،وبعد ذلك تقع مراجعة لما يحتويه البيت من أواني وما ينقص ليتم شراؤه. وفي هذا الإطار تشهد محلات بيع الأواني المنزلية وخاصة القدر المصنوعة من الطين إقبالا كبيرا ،لتحضير الشربة التي تعتبر الطبق الأساسي ،والذي لا يمكن الاستغناء عنه من قبل سكان سطيف ، حيث يختارون لها أجود أنواع الفريك والمرمز،فسطيف تشتهرعلى المستوى الوطني بالفريك ،على اعتبار أنها منطقة فلاحية معروفة بزراعة القمح والشعير،ويتم تحضيرهما قبيل رمضان دون نسيان طحن أجود أنواع بذور الكزبرة (الدبشة)أو ما يعرف بالكسبر وهو مستعمل في أغلب الأطباق لنكهته الطيبة في الطعام . وتتوجه العائلات بكثافة إلى مختلف الأسواق، قبيل أسبوع من حلول الشهر الكريم ،لشراء أهم المستلزمات من مواد غذائية وتوابل وخضر، وحتى اللحوم ،وفي هذا الإطار يقوم العديد من أرباب العائلات سواء مع الأهل أو الجيران بالاشتراك في ذبح شاة من نوع الخروف ،لاستعمال لحومها في الأيام الأولى ،خاصة في تحضير طبق الشربة التي لن تكون شهية بدون لحم الخروف . ويفضل أهل سطيف استقبال اليوم الأول من رمضان بطبق الشربة، والطاجين الحلو المكون من مرق بالزبيب والبرقوق والمشمش الجاف، حتى تكون –حسبهم- باقي أيام رمضان حلوة ،وهناك من يضيف أيضا طبق اللحم المفروم (الكفتة) ،وتعمل العائلات قدر المستطاع على الاستغناء عن الخبز وتعويضه بالمطلوع ،وهو كسرة مصنوعة من الدقيق والماء بالإضافة إلى الخميرة ،فهم لا يفرطون في وجودها على مائدة الإفطار حتى و إن اضطروا الى شرائها . ويفضل أهل سطيف افتتاح إفطارهم، أثناء رفع آذان صلاة المغرب والإفطار بحبات من الرطب أو التمر مع قليل من اللبن أو الحليب، وبعدها يؤدون صلاة المغرب في المسجد ،أو في البيت ،ليعودوا إلى مائدة الإفطار الذي يفتتحونه بالشربة ثم الطبق الثاني،الذي قد يكون طبق الزيتون ،أو أطباق في الفرن، وأغلب العائلات تحضر شكشوكة الفلفل ،أو ما يعرف بالحميس ، وبعدها السلطة، ليختموا إفطارهم ببعض الفاكهة المتوفرة،والمشروبات الغازية. وعقب الانتهاء من الإفطار والاستراحة يشد الرجال الرحال إلى المساجد، وحتى بعض النساء لأداء صلاة التراويح، في جو من الخشوع ،لتكون العودة بعدها إلى البيت بعد المرور على محلات بيع الحلويات الشرقية لجلب بعض الحلوى مثل الزلابية وقلب اللوز لاستكمال السهرة التي تدعى "السهرية "،حيث تقدم بعض الحلويات والشاي والفواكه ،ويحرصون أن يكون ذلك في جو عائلي أين يأتي الضيوف أو الجيران لقضاء السهرة الرمضانية. وقد انتشرت، في السنوات الأخيرة، ظاهرة جديدة في ليالي رمضان بسطيف حتى أصبحت من العادات والتقاليد التي تميز الشهر الكريم، و المتمثلة في انتشار باعة الشواء في الأحياء، وحتى المحلات المتخصصة فيه ،أين تلقى إقبالا متزايدا عاما بعد عام ، فقد وصل الأمر إلى أن الكثير من الصائمين يتسحرون بالشواء ،قبل العودة إلى البيت. كما يتعين التذكير أن سكان ولاية سطيف كثيرا ما يدعون بعضهم البعض للإفطار أقارب كانوا أو جيران أو أصدقاء، بل ويلحون على ذلك معتبرينه صدقة يزيد ثوابها في هذا الشهر الفضيل ،وأحسن دليل على الكرم في هذه المنطقة المبادرات العديدة التي يقوم بها بعض المحسنين بفتح مراكز إفطار في أحياء متعددة من المدينة وحتى المدن المجاورة للفقراء وعابري السبيل وهي مبادرة جد طيبة . وبعد النوم يستيقظ الصائمون قبيل الفجر لتناول السحور والمكوّن في العادة من المسفوف بالزبيب واللبن أو الرائب، مع أخذ قسط وافر من المياه لمواجهة حر اليوم الموالي ،وبعدها يتوجهون للمساجد لأداء صلاة الصبح جماعة، ثم قراءة ما تيسر من القران الكريم داخله أو في البيت،وتقوم الكثير من العائلات بوضع شريط للقرآن المرتل ما يجعل المارة يستمعون إلى القرآن الكريم عند مرورهم بالمنازل . عملية تضامنية واسعة مع العائلات المعوزة كما سطرت مصالح بلدية العلمة بمناسبة شهر رمضان المبارك برنامجا ثريا في جانب التضامن والتكافل الاجتماعي مع الفقراء والمساكين وعابري السبيل ،وفي هذا الإطار خصصت غلافا ماليا معتبرا قدر ب43 مليون دينار أي 4.3 مليار سنتيم لقفة رمضان التي توزع على آلاف العائلات المعوزة في هذه المدينة التي يناهز عدد سكانها ال200 الف نسمة . كما فتحت بالمناسبة مطعمين لتقديم الوجبات الساخنة للإفطار على الفقراء وحتى عابري السبيل بثانوية ومتوسطة بالمدينة ،وفي نفس الصدد فتح عدد من المحسنين 5 مراكز إفطار بذات المدينة. أما بعاصمة الولاية سطيف فقد خصصت السلطات المعنية بالبلدية غلافا ماليا هاما قدر ب7 ملايير سنتيم للتضامن مع العائلات المعوزة خلال الشهر الفضيل والتي بلغ عددها 10 آلاف عائلة ستستفيد من قفة رمضانية متكاملة. وقد أحصت مصالح مديرية النشاط الاجتماعي لولاية سطيف 74277 عائلة معوزة ، عبر 60 بلدية تابعة للولاية ،وتعتزم توزيع 81745 قفة رمضانية مجهزة أحسن تجهيز، لتكون عونا للفقراء في هذا الشهر المبارك، و أحصت بالمناسبة 33 مركز لجمع مختلف المواد خاصة الغذائية، منها التي تشكل حصة الأسد في القفة الرمضانية. كما تعتزم ذات الجهات المعنية بالعملية التضامنية خلال الشهر الفضيل فتح 59 مركز إفطار، منها 17 مركزا من طرف البلديات ،و 26 مركزا من طرف المحسنين ،و 16 مركزا من طرف الجمعيات و الهلال الأحمر الجزائري و الكشافة الإسلامية الجزائرية . و تحصى ذات المصادر عدد الوجبات المزمع تقديمها بالمناسبة 180 ألف وجبة ،منها 100 ألف وجبة محمولة للبيوت ،و 80 ألف وجبة تقدم على الطاولة للفقراء و عابري السبيل، في مختلف مراكز الإفطار المزمع فتحها.