أعطى محمد الحوراني صورة قاتمة عن الوضع الذي تعيشه غزة الجريحة في ظل حرب إبادة إسرائيلية مكشوفة تنفذ بوحشية لا مثيل لها أمام صمت رهيب. وهي إبادة أخرى تعيد لنا المجازر التي لم تتوقف الدولة العبرية في ارتكابها ضد الشعب الفلسطيني الرافض لصفة المطلق التنازل قيد أنملة عن حقه الثابت المقدس في إقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس الشريف. وأكد السفير بلهجة غضب واستنفار أن العدوان الإسرائيلي على غزة الذي داس المقدسات وكشف عن حقيقة الدولة المحتلة المتنكرة للحق الفلسطيني ، هو حرب إبادة تقترف في غزة بهمجية تجعل منها جريمة ضد الإنسانية تعاقب في المحاكم الدولية بلا تردد وتهدئة وتأجيل. وتضاف إلى جرائم ومجازر أخرى ارتكبت بلا توقف من قبل الإسرائيليين الذين بهذه الأعمال الوحشية المشينة يغذون روح المقاومة والنضال بدل إضعافه. ويعززون قوة التلاحم والتآزر الفلسطيني بعد خيبة الأمل في حلول لن تأتي وسلام مؤجل إلى إشعار أخر. وتكشف هذه الحالة انطواء الفصائل المناوئة للاحتلال في غزة تحت لواء واحد المقاومة بدل حماس. وتوجه عيارات الصواريخ والأسلحة إلى العدو الواحد بتحد معيدة التجربة الحية بلبنان التي قهرت المقاومة فيها لأول مرة الجيش الإسرائيلي المدجج بالعتاد الحربي في وقت عجزت فيه الجيوش العربية على ذلك على مدى أزيد من نصف قرن. وتحدث السفير الفلسطيني عن الخيارات المطروحة في ظل تمادي الهمجية الإسرائيلية والعدوان الذي توظف فيه افتك الأسلحة وأقواها دمارا ووحشية في غزة الصامدة ، عن أسوا الخيارات والمضاعفات التي تزيد من حدة المقاومة والنضال وتنمي فكر المواجهة مع إسرائيل إلى ابعد الحدود حتى استعادة الأرض المغتصبة والحرية المصادرة والوطن المسلوب . وذكر السفير الفلسطيني مطولا بأهمية الوحدة الوطنية التي تسقط معها كل الحسابات وتصغر. ولا يتطاول عنها أي نهج سياسي وإيديولوجي مهما كانت ألوانه ومشاربه. وتطرح هنا حتمية الاتفاق على أرضية حوار حول المقاومة وبأي أسلوب وظروف. وهو اتفاق ضروري يسد كل فجوة اختراق إسرائيلي ، ويمنع كل محاولة تسلل وتطبيق للسياسة الماكرة ''فرق تسد'' التي توظفها الدولة العبرية وتحرص عليها على الدوام. ولا يقتصر الحوار على الشأن الفلسطيني وحده، لكن يمتد إلى المحيط العربي ويشمل المبادرة العربية حول السلام مقابل الأرض في حد ذاتها، ومدى صلاحيتها وجدواها خاصة في ظل تمادي الاحتلال في غلق المنافذ أمام الحلول الممكنة التي تعيد السلام الضائع إلى المنطقة الحبلى بالتناحر والتوتر والاضطرابات. وهي توترات من صنع الدولة العبرية التي تعيش على تناقضات العرب وهمومهم وانشقاقهم وخلافاتهم. لكن سحب المبادرة العربية لا يكفي حسب السفير الفلسطيني، ولن تجدي نفعا، ما لم ترفق بسياسة بديلة، ويستعمل سلاح المقاطعة كورقة ضغط تدعم مسعى المقاومة في استرجاع السيادة المنقوصة. وتصبح ورقة المقاطعة العربية مع أمريكا الدولة الداعمة لإسرائيل والمزودة لها بكل وسائل القوة والرعب و بكل أدوات التغلب والسيطرة عبر الحقب والتاريخ. ويكون البترول السلاح الحاد الواجب توظيفه في هذه المرحلة العسيرة المصيرية لإظهار للدولة العظمى راعية السلام المفقود، أن العلاقات العربية معها لن تكون مجانية بهذا الشكل والشعب الفلسطيني في غزة يستباح دمه الغالي الطاهر ويمطر بوابل القذائف المحرمة الأكثر فتكا أمام مرأى الجميع. والأخطر أن الكثير يجري وراء النظرية المسوقة بالمجان القائلة أن حماس المسؤولة الأولى عن هذا الوضع والتصعيد. والحرب الإسرائيلية الجنونية ضد صواريخها المهددة للعمق الاسرائلي وأمنه. ونسى دعاة المغالطة الذين يسوون بين الجاني والضحية، بين المحتل وصاحب القضية العادلة، أن إسرائيل هي المسؤولة عن الدمار والجريمة التي ترتكبها بلا توقف في فلسطين المغتصبة التي تستدعي توحيد الفصائل مهما تباينت وتباعدت والانصهار في المشروع الوطني والإستراتيجية البديلة التي يستحيل دونها استرجاع الحق الكامل في ظل عدو متسلح بالتناقضات الجهوية ويستعمل الجغرافية المشتتة لفرض نفوذه. ------------------------------------------------------------------------