عبرتالجزائر بمنظومتها الاقتصادية والاجتماعية إلى السنة الجديدة في ظل اتساع رقعة التخوفات من الآثار التي تترتب عنها الأزمة المالية العالمية. المؤشرات هي حقيقة خضراء على المدى القريب وربما المتوسط لكن تتطلب تسييرا براغماتيا فيه الكثير من الذكاء الاقتصادي من خلال اعتماد نظام للفحص والتدقيق ليس باللجوء إلى مكاتب دراسات أجنبية اغلبها يحصد صفقات دسمة لا نرى لها انعكاسا ملموسا في شكل عائدات فيها عنصر القيمة المضافة ولكن بالانفتاح على المخابر والمراكز الجامعية الوطنية بالدرجة الأولى والتي تتوفر على قدرات وكفاءات لا يستهان بها وبإمكانها أن تقدم الكثير إذا ما وضعت فيها الثقة وأعطيت الوسائل. هل تكون السنة الجديدة سنة تنفيذ سياسة الاستراتيجية الصناعية التي طال أمد إعلان تصوراتها والحسم في الخيارات أم أن الجهات المكلفة بإعدادها تفضل الانتظار أكثر إلى حين ضبط المعطيات وهو خيار قد يكون مفيدا لكنه قد يكون أيضا مكلفا اذا ما ضاعت اوراق اخرى كما تشير اليه تقلبات اسعار المحروقات والتراجع الفادح لقيمة الدولار مما ينعكس لا محالة على القيمة الشرائية للودائع المالية لدى الخزينة الامريكية. لكن لا يبدو ان هناك خيار افضل من الرهان وبأسلوب اقتصادي فيه من الابتكار والفطنة على قطاعات الفلاحة والسياحة والصيد البحري من خلال تنمية مشاريع تعتمد على الشراكة مع الرأسمال الخارجي وبالذات العربي منه وذلك بتكثيف العمل على هذا المسار اذ يلاحظ كان وتيرة المبادرة باتجاه الاسواق المالية العربية خفت قليلا ولا يكاد الملاحظون تسجيل عمليات ذات مدلول اقتصادي بالمعنى الصحيح خلافا لتلك الديناميكية التي حصلت في السنوات الماضية فهل يتعلق الامر بنقص في الحيوية أم بخضوعها للبيروقراطية أم لضعف في الاقناع من جانب الجهات المسؤولة عن ذلك بالرغم من توفر الشروط السياسية والامنية والاجتماعية المساعدة على تحقيق الكثير ابرزها الوفرة المالية وانعتاق البلاد من مشنقة المديونية الخارجية. الأزمة المالية العالمية التي زعزعت اقتصاديات كبيرة على المستوى الدولي لن تعفي اقتصادنا الوطني من اثارها السلبية إن اجلا ام عاجلا مما يتطلب وضع كل الشركاء في كافة قطاعات النشاط امام الحقائق ولم لا الذهاب الى ندوة وطنية لمناقشة الخيارات بعيدا عن أي تسويق لمواقف حزبية او ايديولوجية والتوقف مثلا عند مسألة التصرف مع الخوصصة وتقييم ما جرى ان كانت فعلا خوصصة اقتصادية ام مجرد تحويل للاصول العمومية لفائدة اوساط انتهازية لها من النفوذ والسطوة البيروقراطية ما يكفي لبلوغ اهدافهم وفي ضوء النتائج تتخذ القرارات، ثم الى متى تبقى البورصة مجرد شعار او اطار خاو لا يتعدى دورها الى الآن مجرد حراسة أسهم بعض الشركات العمومية بينما المطلوب ان تبادر بعد تمكينها من الادوات القانونية والتقنية باتجاه جلب الرأسمال الوطني الخاص لإقحامه في المعادلة. ولكن هل للرأسمال الخاص الوطني النوايا الحسنة ليلعب لعبة الشفافية فيجند ما له من موارد نائمة في التنمية في الاتجاهات الوطنية والمحلية المفيدة أم تراه يفضل كالعادة العيش على الازمات ويستفيد من التمويلات العمومية ليذهب جانب منها في ممارسة انشطة تبدو استثمارية لكنها لا تعود على المجموعة الوطنية بما يلزم من قبيل الانزلاق نحو السعي الى مستويات زائفة من الرفاهية خلافا لما يعرف عن القطاع الخاص في بلدان رأسمالية عريقة حيث يعد مفجر الابتكارات ويستجيب لإحتياجات مجتمعاته. ------------------------------------------------------------------------