نظمت الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة، في إطار اللقاءات الدورية، ندوة بعنوان: «النخبة المنشودة على غرار النخبة الموصوفة في بيان أول نوفمبر»، احتضنها قصر الثقافة «مفدي زكريا»، وتمحورت حور الدور الذي ينبغي على النخبة الحالية اضطلاعه، تأسيا بمن فجروا ثورة نوفمبر وحصّلوا على الاستقلال رغم العقبات والمصاعب. نشط الندوة، المنظمة في إطار اللقاءات الدولية «موعد مع النخبة» كل من د.علي خلاصي، د.عامر رخيلة ود.ابن الزين محمد لمين، وافتتحها الدكتور مصطفى بيطام، رئيس الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة، قائلا «الهدف من وراء هذه المبادرة هو النهوض بالحركة الفكرية والثقافية بالجزائر»، وتطرق بيطام، إلى شروط ثلاثة وجب توفرها في النخبة الوطنية: الإيمان بالقضية، الالتزام بالوقت، والتضحية بأعز ما يملكه المرء. وتحدث بيطام ل»الشعب»، عن احساس ببطء العمل الثقافي، كما أنه لا يعبر عن طموحات الجماهير الشعبية، وعلى النخبة القيام به، لذا جاء اختيار هذا الموضوع للندوة بمثابة استفزاز للنخبة المثقفة.. «نقصد بالنخبة الموصوفة في بيان أول نوفمبر، شخصيات مثل بن مهيدي وبن بولعيد وبوضياف وغيرهم كثير، ممّن كان مستواهم متوسطا ولكن المتمعن في بيان أول نوفمبر الذي سطره هؤلاء يقف أمام أفكار وكأنها من صنع عباقرة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية». ويضيف بيطام قائلا: إن النخبة الجزائرية الحالية تعلمت وتثقفت ولكن وجودها نادر في الساحة لاعتبارات متعددة، «فلماذا هذا العزوف عن العمل الثقافي خاصة وأن أزمة الجزائر باختصار هي أزمة أخلاقية ثقافية، وإذا تمّ الإقلاع الحقيقي للثقافة فأبشر بأن الأمة قد وصلت إلى التطور والحضارة والنضج.. الكرة في مرمى النخبة المثقفة التي عليها أن تغادر أبراجها العاجية وتلتحق بشعبها وتعيش معه همومه وانشغالاته». من جهته قال د. عامر رخيلة، في مداخلة عنوانها «النخبة بين الواقع والمأمول»، إنه لا يوجد أي مجتمع من المجتمعات المنظمة إلا وتوجد به نخبة، تتميز بأنها قليلة العدد، ولابد لتشكلها من وجود حاضنتين رئيسيتين: الحاضنة الأولى هي المجتمع المدني، أما الثانية فهي الطبقة الوسطى. ويميز د.رخيلة بين نخبتين في جزائر ما قبل 1954: نخبة تقليدية تكونت من العلماء ورجال الدين، ونخبة عصرية كونها شباب متنورون درسوا في المدارس الفرنسية وكونوا نظرة لحلّ القضية الجزائرية، لكن الأحداث أكدت فيما بعد أن وحدة الأصول الاجتماعية والرؤى الفكرية ليست ضرورة ملحّة، وهو ما تجسد في دور جبهة التحرير الوطني التي تمكنت من قراءة صحيحة للتاريخ، خلافا للنخبتين التقليدية والعصرية على الرغم من متغيرات الحرب العالمية الثانية. وهكذا لم يخاطب بيان أول نوفمبر الفرد الجزائري لا بصفته النضالية ولا السياسية ولا الاجتماعية، بل حددت له هدفا موحدا. وقد أكد لنا الأمين العام للرابطة، إسماعيل إنزارن، أن البرنامج المسطر ثري ويتطرق إلى عديد المواضيع التنظيمية والتعليمية، مثل النشر، البحث العلمي، محو الأمية، تعليم اللغات.. كما كشف لنا عن دراسة إعادة بعث الملتقيات الوطنية السنوية التي كانت الرابطة تنشطها في التسعينيات، مثل ملتقيي «الشباب والتاريخ» و»مصطفى بن بولعيد».