بريطانيا تريد أن تكون شريكا حقيقيا للجزائر كشف رمطان لعمامرة وزير الخارجية، ونظيره البريطاني، تطابق وجهات النظر حول مكافحة الإرهاب وتسوية أزمات دول الجوار بالحوار السياسي، بعيدا عن التدخل العسكري الذي يفرض تداعيات خطيرة على المنطقة كلها. وظهر هذا جليا في الندوة الصحفية المشتركة، التي نظمها الوزيران، صباح الخميس، بوزارة الخارجية، حيث رافع الجانبان من أجل حلّ سياسي للأزمة الليبية، وتفادي التدخل العسكري الذي يزيد في تعقيد الأمور وليس حلها. وقال لعمامرة، معيدا ما ظلت تنادي به الجزائر في أكثر من محفل ومنبر، إن التدخل العسكري في ليبيا، محفوف المخاطر لا يشجع بالمرة على العلاج السياسي لأزمة متفاقمة. كما أن تزويد أطراف النزاع بالسلاح لا يشجع الحل التوافقي المنشود الذي تعتبره الجزائر مخرجا من الوضع الصعب، ملمّحا إلى الجهود المعتمدة من أجل تسوية أزمة مالي بإشراك الأطراف المعنية والحكومة إلى طاولة الحوار والمفاوضات. وعاد لعمامرة إلى الجريمة الشنعاء المرتكبة من قبل التنظيم الدموي، ما يعرف ب«داعش" ضد رعايا مصريين، مبديا تضامن الجزائر مع مصر التي ألمّ بها الإرهاب. وهي حادثة تزيد من قناعة الليبيين في الجنوح نحو المفاوضات و«تهيئة المناخ لبناء مؤسسات ديمقراطية ممثلة، تعزز الوحدة الترابية الليبية وسيادتها". وشدد وزير الخارجية، على الوساطة الأممية التي يقوم بها الممثل الشخصي ل«بان كيمون"، لإقناع الأطراف الليبية بالاحتكام إلى العقل من أجل تجنيب البلاد مزيدا من الدمار في محيط جيوسياسي إقليمي مضطرب متميز بهشاشة أمنية اتخذت فجوات لانتشار الجماعات الإرهابية والإجرامية لتهديد دول الجوار والساحل. وبحسب لعمامرة، الذي أكد على عدم الخلط بين الإسلام والإرهاب، فإن الجزائر، المعروفة بدورها الدبلوماسي في تسوية النزاعات الأفريقية والأزمات، تحرص على أن تكون طرفا مساهما مساعدا لتسوية أزمة ليبيا، وليس طرفا في النزاع بالمرة. من جهته، جدد وزير الخارجية البريطاني والكومنولت فيليب هاموند، ما صرح به عقب استقباله من طرف رئيس الجمهورية قائلا، إن لندن مقتنعة بأن التدخل العسكري في ليبيا أمر مرفوض وغير مقبول، باعتباره لا يمثل الحل الأنسب في بلد تجرفه الصراعات بين الأطراف ويواجه التصعيد الخطير الذي يحمل انعكاسات على دول الجوار والمنطقة. وبعد أن دعم جهود الجزائر في تقريب وجهات نظر الأطراف الليبية من أجل تسوية سياسية، أسوة بما يجريه الماليون، قال كاتب الدولة البريطاني إن لندن تحرص على تهيئة الأرضية لحكومة وحدة وطنية فعالة في مكافحة الإرهاب الذي تغلغل إلى المنطقة من خلال الهشاشة الأمنية وصار يمثل خطرا داهما على الاستقرار المحلي والإقليمي. وذكر الوزير بأن وجود حكومة ليبية موحّدة يساهم في مواجهة التنظيم الإرهابي "داعش" ويحد من انتشاره وتغلغله في المنطقة. وفي مقاربته للتهديدات الأمنية التي تخيّم على ليبيا ودول الساحل، قال الوزير البريطاني إن الجماعات الإرهابية تجد تمركز لها في الأقاليم خارج تسيير الحكومات والإدارة. وهو ما تعيشه الكثير من الفضاءات الأفريقية. واعتبر الوزير البريطاني، تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب مرجعية قائلا: "إن بريطانيا تعترف بالدور الجزائري الهام في التصدي للجماعات الإرهابية وفي مساعدة دول الجوار على تخطي أزماتها. وأن بريطانيا تتفق مع الجزائر على ضرورة التعاون على مساعدة دول أقل استعدادا وقوة في مواجهة الإرهاب". مع العلم، كان للتعاون الثنائي بين الجزائروبريطانيا، مكانة في الندوة الصحفية المشتركة، حيث أظهرت لندن إرادة في مرافقة المؤسسات الجزائرية وتجسيد البرنامج الإنمائي الممتد على مدار خمس سنوات. وقال الوزير البريطاني، بعد استماعه لعرض نظيره الجزائري عن مسار إصلاحات وتقويم وتجديد، إن لندن تتابع باهتمام الإنجازات الاقتصادية والتدابير المتخذة من الجزائر في سبيل تشجيع الاستثمار والشراكة: "إننا نريد أن نكون شريكا حقيقيا في تجسيد البرامج الإنمائية الرامية إلى تنويع الاقتصاد الجزائري والتقليل قدر الممكن من التبعية للمحروقات".