يوضع غدا بجيجل حجر الأساس لإنجاز مركب بلارة للحديد والصلب بالشراكة (49 / 51) بين الجزائر وقطر يتولى إنجازه متعامل من ايطاليا. وتأتي هذه اللبنة الأساسية المتينة بعد أربع عشريات من الإعلان عن إطلاق المشروع لتضيف مكسبا جديدا للصناعة الوطنية بطاقة إنتاج في مرحلة أولى تقدر ب2 مليون طن من الفولاذ سنويا لترتفع إلى 4 ملايين طن في 2019. ويمثل إقامة هذا المجمع الصناعي مكسبا يحمل دلالات تصبّ في الرفع من حجم ووتيرة الاستثمار والتنمية، وحلقة وصل تربط بين منجم الحديد لغار جبيلات بتندوف وميناء جن جن، ليكون محطة تصدير مستقبلا بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي. ويعكس هذا المشروع قيمة حقيقية للشراكة الاقتصادية القائمة على توازن المصالح بين الشريكين مع إدراك واقعي لتحديات التنمية في ظلّ الصراع القائم على الأسواق ومصادرها من مواد أولية وموارد بشرية مؤهلة تضمن إنتاج القيمة الإضافية التي تحسم معادلة المنافسة. وبالنسبة لبلادنا، فإن المجمع الصناعي المطابق لمعايير حماية البيئة من كافة الجوانب مثلما أكده وزير الصناعة والمناجم سينقل المنطقة التي تحتضنه برمتها إلى مستوى متقدم على مسار النمو ويضعها في صدارة الأسواق الإقليمية والعالمية للحديد والصلب، بحيث يراهن على بلوغ الاكتفاء الذاتي من هذه المواد والتحضير لدخول مرحلة التصدير في المدى المتوسط، وبالتالي تثمين الاستثمارات القاعدة الكبيرة التي بذلتها الدولة من خلال تحسين مردودية ميناء جن البحري الذي يملك طاقة استيعاب عالية تؤهله لتبوء مكانته الحقيقية في الشحن البحري. ويحق لمنطقة جيجل وما حولها أن تضبط عقاربها على ساعة الاستثمار المنتج للثروة بفضل مجمّع بلارة، القلب النابض الذي يعد بتحسين وتيرة التشغيل من خلال فرص العمل المباشرة وغير المباشرة التي تضمن إدماج اليد العاملة والرفع من فعالية التكوين المهني المرافق لها، وتنشيط النسيج الصناعي المقاولاتي المرتبط بصناعة الحديد والفولاذ، والحامل للمشاريع الصناعية من خلال بعث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية المطابقة للمعايير وإقحامها في المشهد الاقتصادي الإنتاجي. إنها بحق ثمرة أخرى لقيمة الثقة في السوق الاستثمارية الجزائرية النابعة من مناخ الاستقرار، وقد سبقتها ثمار عديدة أخرى أعطت مضمونا لمعادلة الشراكة القائمة على تقاسم الأعباء والمنافع، على غرار مصنع تركيب السيارات رونو بوهران ومصانع أخرى للعربات يقودها خبراء الصناعة العسكرية الوطنية، تولي للتكوين والتأهيل المخصص للموارد البشرية أهمية بالغة باعتبار الإنسان هو الرقم الثابت في نجاح أي استثمارات. هكذا إذن، تتربع الصناعة الوطنية على امتداد التراب الوطني في ظلّ شبكة تفاعلية تجمع مصادر الموارد الطبيعية والمصانع التحويلية ذات التكنولوجيات الحديثة، الأمر الذي يعطي مدلولا واسعا لمناخ الاستثمار المنتج، وهو مناخ قلّما يتوفر في جهات أخرى من العالم بسبب التوترات والصراعات وحالة اللااستقرار، الأمر الذي يفرض على الرأسمال البحث عن الضمانات كما هو الحال في السوق الجزائرية.