كتب الصحفي الشهير روبرت فيسك مقالا بصحيفة ذي إندبندنت تحت عنوان: منذ متى لم نأبه للقتلى المدنيين في الحروب..؟ يعرب فيه عن دهشته واستغرابه من انتهاك العالم الغربي لحقوق الإنسان وعدم الالتفات إلى القتلى المدنيين الذين يسقطون جراء الحروب. واستهل مقاله بالقول: إنني أتساءل: هل حولنا الحرب إلى شيء عادي..؟ فها هي إسرائيل تفلت من العقاب مجددا بعد ما أوقعته من مئات الضحايا في صفوف الأطفال بغزة. ويمضي: يبدو أننا فقدنا الإحساس باللا أخلاقية التي عادة ما ترافق النزاعات والحروب. فكان آخر شاهد على ذلك رفض هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إعلان الإغاثة لغزة. وسخر قائلا: إن حماية سمعة مؤسسة ما بات أكثر أهمية من حياة الأطفال. مشبها الحرب برياضة يتفرج عليها الناس مثل مباراة كرة قدم رغم أن الأمر يتعلق بمأساة دموية في الشرق الأوسط بات رصدها أهم من المعاناة الإنسانية التي تسببها. وبعد أن أشار الكاتب إلى أن الغرب أخذ يبالي بحقوق الإنسان ووضع قوانين صارمة لحماية المدنيين أثناء الحروب بعد الحرب العالمية الثانية وحربي فيتنام وكوريا. تساءل قائلا: لست متأكدا متى حدث هذا التغيير (اللا مبالاة بمقتل المدنيين). أهو اجتياح إسرائيل للبنان 1982 ومجزرة صبرا وشاتيلا التي حصدت أكثر من 1700 مدني من الفلسطينيين..؟ ويردف فيسك قائلا: إسرائيل تدعي كعادتها أنها تخوض حربنا ضد الإرهاب غير أن الجيش الإسرائيلي ليس كما يُبالغ به، لا سيما أن مجازر قانا 1996 وأطفال مروحين ,2006 تقترن به. هل اللا مبالاة الغربية لحقوق المدنيين بدأت منذ حرب الخليج الأولى التي امتدت من 1980 حتى 1988 بين العراق وإيران حيث قدمنا الدعم العسكري من أسلحة وغيرها للطرفين أم منذ قتل سوريا لآلاف المدنيين في حماة..؟ ثم يستطرد الكاتب، ليعتقد بأن اللا مبالاة بدأت منذ حرب الخليج الثانية 1991 عندما شوهد الأميركيون وهم يدفنون العراقيين أحياء في خنادقهم، وتجاهل الصليب الأحمر وضع إشارات على المقابر الجماعية كما هو متعارف عليه في القوانين الدولية. وتطرق الكاتب أيضا إلى انتهاك القوانين الدولية في حرب كوسوفو مؤخرا التى نجا مرتكبوها بفعلتهم، وتلتها الحرب في أفغانستان وما نجم عنها من دمار كامل لبعض القرى، ومن ثم الحرب على العراق عام 2003 ومقتل أكثر من مليون مدني عراقي. ويختتم بعد كل هذا لا يبدو أننا نبالي كثيرا للمدنيين، فنقاتل في العراق، وسنعود لنفس الغاية في أفغانستان، في حين يبدو أن جميع حقوق الإنسان قد تلاشت. وسنشكل فرقا من الميليشيات تقاتل من أجلنا كما فعلنا في العراق، وكما فعلت إسرائيل في جنوب لبنان (في إشارة إلى جيش أنطوان لحد)، وها هي تطلق العنان لجنودها في غزة، ثم نجد البي بي سي تخشى على نزاهتها..؟