شكل معرض تصميم المجوهرات والموديلات التقليدية ورسم الموضة المنظم بدار عبد اللطيف، وجهة ثقافية وترفيهية بامتياز لمختلف عاشقي هذا النوع الفني المتلهفين للاطلاع على جماليته وسحره الجذاب، الباحثين عن معرفة خباياه، مدلوله وتفكيك رموزه. وزادت من قيمة المعرض المفتوح إلى غاية 13 جوان الجاري تصادفه وإحتفائية اليوم الوطني للفنان وتظهر بالدليل القاطع قدرة الجزائري الابداعية وقوته الابتكارية المخترقة لكل الحدود في ايصال رسالة نبيلة إلى الجمهور الملتقي. وهي رسالة وقفت عندها «الشعب» في زيارة خاطفة إلى المعرض، الذي قرب المسافات البعيدة وترجم إرادة في نقل موروث ثقافي حضاري عن جزائر الإبداع والفن. إنها محطة حاسمة في الفن الجزائري، أبدع فيها محمد رضا اسكندر بعرض تشكيلة من مجوهرات صممها بنفسه، وكشف سمير بان، المختص في تصاميم الأزياء عن «موديلات» تسحر الناظر وتبهره. عن معرض تصاميم المجوهرات، قال صاحبها محمد رضا اسكندر ل«الشعب»، «إن هذه التشكيلات من المجوهرات تمثل الرجوع إلى الوطن الحبيب بعد 25 سنة غياب من الحركة الفنية». وأضاف اسكندر، وهو ينتمي إلى عائلة مثقفة وفنية اشتهر بتصميم المجوهرات بعد دورة تكوينية في باريس في أواسط الثمانينيات، «هذه المجوهرات باكورة اختراعي إنتاجا وتصميما، بعضها ملتزمة للحروف العربية وخاصة الألف تعطي الانطباع عن اختيار واضح: التمسك بالهوية والانتماء للوطن.» وواصل محمد رضا، الذي ظل متنقلا لعرض إبداعاته في مختلف العواصم منها نيويورك، والمركز الثقافي الجزائريبباريس، مونريال، الدار البيضاء المغربية، وغيرها... أن موديلاته المسجلة تحمل طابع «مجوهرات اسكندر النادرة، بلغت شهرتها أنحاء المعمورة. وصار كبار المبدعين والمختصين في التصاميم يتلهفون لمعرفة سر هذا الابتكار وسحره وجاذبيته. وعن سبب اختيار نهج تصميم المجوهرات على شكل الحروف العربية قال الفنان، إن البحث عن طريقة جديدة في تقديم أغلى المجوهرات وأكثرها قيمة على الاطلاق، رغبة جامحة انتابته على مر الأيام والسنين. ودفعته نحو الخصوصية والتمايز. والنتيجة تصميم المجوهرات في شكل حروف عربية جميلة، عكس الخطاطين الذين أبدعوا في تدوين الكلمات والحروف بأنواع الخط المختلفة أو الفنانين التشكيليين الذين أطلقوا العنان لمخيلتهم في رسم أشكال وأجسام ولوحات بحروف عربية لها وزنها وقيمتها لا تفنى». على هذا الدرب سار اسكندر، وكون تجربة ثرية مدتها 20 سنة، يبتكر، يبدع قائلا: إن هذا المسار هو حياته وحريته في الإبحار في محيط التصميم العميق الذي يستلهم منه كل تشكيلة مجوهرات تؤرخ لمجتمع وتعرّف بوطن، حبلى بالجمال يهواه الفنانون إلى حدّ الثمالة. على هذا الدرب، سار سمير بان المختص في رسم موديلات الأزياء مختارا وجهة أخرى للابداع تحمل بدورها جمالا وتمايزا، لكنها تتقاطع مع نهج اسكندر وهدف اختياراته: تثمين كل ما تزخر به الجزائر التي لم تكن فقط قبلة للثوار والسياسيين بل للفنانين والمبدعين. اختار سمير بان هذا النهج، ورأى فيه منطلق ابداعاته منذ مدة متخذا من دار الأزياء ببن عكنون، فضاء للتعريف بمنتوجه وما أخرجته عصارة فكره ومخيلته. وقال سمير بان ل»الشعب» إن هذه الموديلات المفتوحة للزوار المختزلة لمسيرة عمر، أريدها أن تكون ملهمة للشباب المبدع الذي لا أتردد لحظة في مرافقته وتشجيعه في السير على هذا الدرب. من أجل ذلك قررت فتح مسابقة للفنانين الشباب لعرض 5 نماذج من تصميمات أزياء لهم لنيل جائزة تساعدهم في الدخول إلى المهنية. أعطى معرض تصاميم المجوهرات ورسوم الأزياء إنتعاشا لدار «عبد اللطيف» بمنحدر مقام الشهيد، وزادها حركية نوّهت بها مريم آيت الحارة رئيسة قسم الفنون البصرية والتراث بالوكالة الجزائرية للاشعاع الثقافي، التي وعدت الجمهور بأنشطة وسهرات رمضانية تعطي الانطباع والحقيقة على ذلك البرنامج الكبير المنفذ في الميدان: من أجل عاصمة لا تنام.