حملت زيارة الأول، عبد المالك سلال، إلى العاصمة، رسائل طمأنة للجزائريين، بالحفاظ على المكاسب الاجتماعية المحققة، والاستمرار في دعم تشغيل الشباب، رغم صعوبة الظرف، وبينت في ذات الوقت، أن الدولة تحمل رهان صيانة الأمن بقبضة والتنمية الاقتصادية بقبضة أخرى. حين تهاوت أسعار النفط في السوق الدولية بأزيد من 50 بالمائة في ظرف وجيز، دخلت الجزائر على غرار باقي الدول المنتجة للبترول، مرحلة ما عرف «بشد الحزام» للتعامل مع الظرف الحساس، وتم اتخاذ تدابير استعجالية فهمت على أنها مخطط تقشف، للتحكم في تسيير العائدات المالية. لكن الوزير الأول، عبد المالك سلال، فند تصنيف ما اتخذ من إجراءات في خانة التقشف وإنما لترشيد النفقات العمومية ووقف التبذير، وحافظ على الخطاب التفاؤلي بتأكيد «سير البلاد على درب التنمية والعصرنة». كلام سلال، يمكن أن يفهم بأن الجزائر ليست دولة هشة تنهار بانهيار أسعار البترول، ورغم ارتباط اقتصاد البلاد بشكل شبه كلي بالمحروقات إلا أن فرص تفادي الصدمة لازالت قائمة، عبر عقلنة النفقات وخفض فاتورة الاستيراد والتحكم في استهلاك الموارد الإستراتيجية على غرار الوقود. المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي، لم يخف صعوبة الظرف الراهن بإشارته في أكثر من مرة «إلى انخفاض سعر البترول»، وطمأن في المقابل، بعدم التراجع أو الحياد عن « مخطط التوجه نحو اقتصاد جديد مبني على الإنتاج وخلق الثروة»، بل واعتبر المرحلة الحالية فرصة للخروج من التبعية للمحروقات. ويشكل بناء اقتصاد قوي قائم على الإنتاج الوطني والتوجه نحو الأسواق الخارجية، أحد أبرز الأهداف المسطرة في برنامج الرئيس بوتفليقة للخماسي الجاري، وتم تسطير بلوغ نسبة نمو ب7 بالمائة سنة 2019، كمؤشر يبين تعافي الوضع الاقتصادي واستقلالية عن الذهب الأسود. وبدا واضحا من رسائل سلال، تفهم الحكومة لتخوفات الجزائريين مما يخفيه لهم المستقبل القريب، في ظل تحاليل سوداوية عن نفاذ احتياطي الصرف، وتجميد مشاريع وإلغاء أخرى، حيث دعا إلى «الثقة فيما تبذله الحكومة من جهود ليس لتجاوز تحدي المرحلة وإنما لبناء اقتصاد قوي». وقال «ليس لنا سياسة تقشفية ولكن لابد أن يكون هناك ترشيد للنفقات العمومية» مشيرا إلى أن الأمر يتطلب « ثقة بين الحكومة وجميع أفراد الشعب»، طمأنة سلال للجزائريين كانت بتجديد تعهدات قطعها الرئيس بوتفليقة في الاجتماع المصغر لمجلس الوزراء الذي ترأسه في جانفي 2015، وأكد حينها «عدم المساس بالمكتسبات الاجتماعية وبرامج السكن وتشغل الشباب». وهو ما ركز عليه، الوزير الأول، حين أعلن عن تطبيق المادة 87 مكرر بداية من أوت المقبل، كتأكيد على تجسيد تعهدات الدولة بمساعدة الطبقات والوقوف إلى جانبها، بحيث سيشمل تطبيق هذه المادة من قانون العمل على الفئات العمالية المصنفة بين 1 و10 على سلم الرتب. ورفض سلال، الاكتفاء بإطلاق التصريحات دون سند ملموس، وأشار إلى قانون المالية المقبل الذي سيحمل حسبه «أشياء أخرى إيجابية تدعم الاستثمار وتفعل الإنتاج الوطني»، وأوضح أن الحكومة شرعت في اتخاذ التدابير التي تضمن سير الدخول الاجتماعي في أحسن الظروف. وخلاصة رسالته أن «هنا فعلا أزمة تراجع أسعار البترول، لكنها لن توقف مسار التنمية الاقتصادية ولن تؤثر في المكاسب الاجتماعية ولن تدفع الدولة لرفع يد الدعم للشباب»، فبرامج أونساج وأونجام لن تتوقف. على صعيد آخر، أكد الوزير الأول، سهر الدولة على مكافحة الإرهاب وصيانة الأمن والاستقرار، وأشاد بسهر الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن على التصدي لكل أشكال التهديدات. وأشار إلى قيامهما بعمليات نوعية في مختلف مناطق الوطن، ضد بقايا الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة، قبل وأثناء شهر رمضان، بالقول «لاحظتم كيف نقضي أيام شهر رمضان بشكل عادي جدا وفي أحسن الظروف».