على فرنسا تحمل مسؤوليتها التاريخية وتسليم الجزائر خرائط تواجد الاشعاعات استعرض الخبراء، أمس، تاريخ اكتشاف النشاط الإشعاعي بالصدفة سنة 1896 من طرف العالم الفرنسي «هنري بيكريل»، والذي استخدم في البداية لعلاج الأمراض المستعصية وصنع الوسائل السلمية التي يحتاجها الناس لتسيير حياتهم اليومية، لتتحول فيما بعد إلى وسيلة لتدمير الشعوب المستعمرة وكانت الجزائر أكثر الدول التي تضرر سكان صحرائها، من تلك التفجيرات النووية التي أدعت فرنسا أنها مجرد تجارب علمية، حيث بلغت طاقة تفجير القنبلة برقان 60 كيلو طن أي ما يعادل 70 قنبلة كقنبلة مدينة هيروشيما، وحولت أكثر من 42 ألف من المدنيين العزل إلى فئران تجارب. أبرز مدير التراث التاريخي والثقافي في كلمته نيابة عن وزير المجاهدين، خلال الندوة التي نظمها المتحف الوطني للمجاهد بعنوان «التفجيرات النووية وأثارها المدمرة على الإنسان والبيئة»، الاهتمام الذي توليه الدولة الجزائرية لهذا الملف من خلال تسخير كل الإمكانيات للتكفل بضحايا التفجيرات النووية، وإعادة تأهيل المناطق التي أجريت بها هذه التفجيرات الشاهدة على الجريمة الاستعمارية في حق الإنسانية، قائلا أن الندوة هي تذكير للمجتمع الإنساني بمخاطر التجارب النووية على الدول التي عانت شعوبها منها، والوصول إلى إصدار قوانين تجرم هذه الأفعال. واعتبر مدير التراث التاريخي والثقافي ملف التفجيرات النووية من مخلفات الوجود الاستعماري بالجزائر، وحسبه أن هذه الندوة تعبر عن اهتمام وزارة المجاهدين في محاولة لاستغلال البحوث العلمية لكتابة تاريخنا. وأوضح الباحث في الهندسة النووية عمار منصوري، أن من يتكلم عن التجارب النووية هو المستفيد، أما الضحية فيتحدث عن التفجيرات، وللأسف العالم اليوم مسير من طرف هذه القوى الاستعمارية، مضيفا أن الجزائر لأول مرة تحتفل باليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية المصادف ل29 أوت من كل سنة، والذي أقرته الأممالمتحدة في دورتها 64 سنة 2009، بعد اقتراح تقدمت به دولة كازاخستان التي تمت بها أكبر عدد من التجارب النووية، لتجعل سنة 2010 يوما عالميا لمناهضة هذه التجارب وتوعية السكان حول خطورة الأسلحة النووية، وبناء عالم خالي من كل المخاطر. ويرى منصوري ضرورة تسوية فرنسا هذه الملفات و إغلاقها نهائيا والتي مازالت تقتل الجزائريين لحد الآن، حيث يوجد حاليا 3 ملايين لغم، قائلا:» حاليا هناك ملفات ساخنة بين الجزائروفرنسا، لابد أن تحل في أقرب وقت لكي نفتح صفحة جديدة لأفاق جديدة ومستقبل واعد». من جهتها اعتبرت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، اللقاء الذي جمع الوزير الأول الجزائري ونظيره الفرنسي حول قضية التجارب النووية هو اعتراف سياسي تم تناوله على مستوى السياسيين ، وحسبها أنه حين يكون ضغط من المجتمع المدني على حكومته يعطي ذلك قوة للرئيس للحديث عن هذا الملف، مضيفة أن فرنسا لأول مرة تتحدث تفجيرات نووية بعدما كانت تدعي في اتفاقيات إيفيان بأنها تجارب علمية، مشيرة إلى أن أول نص قانوني أمضي سنة 1969 لنزع الأسلحة بقي حبرا على ورق. وقالت أيضا المحامية، أن بعض الجمعيات الجزائرية ما تزال تواصل معركتها في هذا الملف بالتنسيق مع جمعيات دولية أخرى. مدة نصف حياة ذرة بلوتونيون تدوم 24 ألف سنة واستعرض مصطفى خياطي مختص في طب الأطفال، الآثار الصحية البعيدة المدى للتفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر، مؤكدا أن مدة نصف حياة ذرة بلوتونيون تدوم 24 ألف سنة أي أن فاتورتها تدفعا الأجيال المقبلة، مبرزا خطورة التجارب السطحية التي قام بها الاستعمار في منطقة رقان. وأشار في هذا الإطار إلى، أن كل المعلومات الطبية عن الجزائريين خلال الفترة 1958-1975 أخذتها السلطات الفرنسية، ولا علم لنا بما وقع آنذاك، وحسب التقديرات أنه ما بين 15 إلى 20 ألف جزائري ماتوا بالسرطان. كما أن فرنسا لم تقم بتنقية المنطقة من الإشعاعات النووية. وفي هذا السياق دائما، طالب خياطي وزارة الصحة والتعليم العالي لإنشاء مراكز بحث لمعرفة بصفة دقيقة الوضعية بالصحراء، ومعرفة نقاط تواجد الإشعاعات، وكذا إرجاع السلطات الفرنسية الملفات الطبية للجزائر وتحمل مسؤولياتها التاريخية ولإنشاء مراكز تشخيص الأمراض برقان وتمنراست وإعطاء الجزائر خرائط المقابر الإشعاعات.