قالت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم أمس أن الوقت حان لإنشاء محاكم خاصة لمحاكمة فرنسا الاستعمارية على جرائمها المرتكبة في حق الجزائريين، باعتبار ذلك ردا صارما على القانون الفرنسي الصادر السنة الماضية القاضي بتعويض الفرنسيين ضحايا التجارب النووية بمنطقة الصحراء، في حين اعتبرته يتجاهل المواطن الجزائري إلى أبعد الحدود. وأوضحت السيدة بن براهم في الندوة التاريخية المنظمة بمنتدى "المجاهد" بمناسبة إحياء الذكرى ال50 للتجارب النووية الفرنسية برقان المصادفة ل13 فيفري 1960 أن هذه المحاكم الخاصة ستسمح بمتابعة هذا الملف قضائيا بشكل غير قابل للتشكيك أوالتلاعب من طرف الإدارة الفرنسية التي تواصل تنكرها للجزائريين ضمن قانون التعويض الذي أصدرته سنة 2009، لاسيما من خلال تشبثها بفكرة خلو أماكن هذه التجارب من البشر والحيوان وكافة رموز الحياة. وأبدت المحامية استغرابها من هذا الطرح الفرنسي، مشيرة الى أن العديد من التقارير السرية التي قدمها بعض الفرنسيين الذين كانو في الميدان تشير الى تواجد ما يقارب 40 ألف شخص في المدن المجاورة لرقان و10 آلاف بين عسكري ومدني كانوا يشتغلون بالمنطقة. كما تناولت بن براهم الجانب القانوني لهذه التجارب التي اعتبرتها فرنسا سنة 2005 نظيفة كونها أقيمت في مكان غير مأهول، وأشارت بن براهم الى أن هذه الأعمال تصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية نظرا لفظاعة المخلفات البشرية والانعكاسات الصحية والبيئية المترتبة عنها، وهو ما يتطابق مع مضمون اتفاق روما المنشأ لمحكمة الجنايات الدولية. وأضافت أنه من الضروري إصدار قانون لتجريم الاستعمار ليتسنى فعليا محاكمة الجرائم الفرنسية وفق اتفاق روما الذي يقر بالعقوبة على كل معتد أجنبي على بلد آخر. لتشير الى تواصل البحث في مثل هذه القضايا الإنسانية. ومن جهته، أكد الباحث في التاريخ السيد منصوري المتابع لهذا الملف أن اعتراف فرنسا بهذه التجارب لابد منه ولامفر منه، وأن عليها التراجع عن كذبها أمام منظمة الأممالمتحدة بشأن هذه التجارب التي استهدفت محو الجزائريين، مع التوصل الى إثبات الحقوق الجزائرية وافتكاك التعويضات وإثبات مجازر فرنسا الاستعمارية أمام المحاكم الخاصة. كما أضاف أن فرنسا أرادت من وراء قيامها بهذه التجارب إعلان دخولها النادي النووي العسكري الى جانب الدول العظمى، موضحا أن عدد هذه التجارب النووية يصل الى 57 تفجيرا ضم 40 تجربة تكميلية تراوحت بين الجوية والباطنية، وهذا عكس 17 تجربة التي تحدثت عنها فرنسا. وأدت هذه التفجيرات التي تعددت تسمياتها من اليربوع الأزرق، الأحمر، الأبيض...في إحداث تلوث كبير على الطبيعة وعلى الأشخاص بمختلف مناطق رقان، عين أكر، الحمودية، توات... وفي هذا المجال، تناولت المختصة في أمراض السرطان الطبيبة أسيا موساي آثار الإشعاعات النووية على الصحة، والتي تصبح مع مرور الوقت أكثر خطورة على الصحة البشرية والحيوانية، حيث تؤدي الى الموت المحتوم ل50 بالمائة من المعرضين لها. كما استعرضت الطبيبة المختصة الأمراض السرطانية الخطيرة التي تحدثها هذه الإشعاعات التي تدوم لسنوات عديدة كسرطان الدم، الثدي لدى النساء، سرطان الدرقية، بالإضافة الى الأمراض الوراثية الأخرى. وقالت أن أعراض هذه السرطانات بإمكانها الظهور بعد 20 الى 40 سنة دون أن يشعر بها المعرض لهذه الإشعاعات، بشكل يساهم في حدوث تشوهات خلقية بليغة لدى الأطفال، والإصابة بالعقم المؤقت أو النهائي. وللإشارة، فقد تم تقديم فيلم وثائقي من 20 دقيقة خاص بالتجارب النووية في رقان، إضافة الى عرض شهادات حية لمن عايشو التفجيرات الى جانب الضحايا الذين تأثرو بإشعاعاتها النووية.