تسويق صورة الجزائر وترقية الثقافة السياحية ارتكز النقاش أمس، في منتدى جريدة «الشعب» حول كيفية جلب الاستثمار الخاص لترقية المشروع الثقافي الوطني»، والذي استضافت وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، على ضرورة ترشيد الإنفاق والبحث عن النجاعة من خلال المهرجانات والملتقيات الرسمية وتحسين تسييرها، وكذا أهمية التكوين للوصول إلى المهنية والابتعاد عن الثقافة الارتجالية التي أضحت تسئ إلى المشهد الثقافي الجزائري، حيث طالب بعض المتدخلين إعادة النظر في مديريات الثقافة على مستوى الولايات، واسترجاع القاعات السينمائية وترميمها. طالب الفنان عبد الحميد رابية في تدخله، بضرورة توفر إرادة سياسية وشجاعة لتحقيق كل المشاريع التي تحدث عنها وزير الثقافة، واسترجاع القاعات السينمائية المغلقة (والتي صرفت عليها الملايير) من وزارة الداخلية وترميمها كون أغلبيتها في حالة مزرية، متسائلا عن مصير المؤسسات الإنتاجية والفوتوغرافية، كما نوه رابية بعقد الندوة الوطنية التي ستعقد قبل نهاية السنة. وفي هذا الصدد، أوضح وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أن هناك عملية بين وزارته ووزارة الداخلية لاسترجاع قاعات السينما قائلا:»هناك إرادة من وزارة الداخلية لضرورة تسريع تسوية هذه الوضعية»، مشيرا إلى أنه في سنة 1989 كانت قاعات السينما في وضع قانوني مختلف. وأعرب ميهوبي في هذا الإطار، عن هدف قطاعه في استعادة مكانة السينما في المجتمع، لاسيما مع توجيهات الوزير الأول عبد المالك سلال لتفعيل هذه القاعات والانطلاق في نشاطها والبداية تكون من العاصمة، وذلك من خلال البحث عن صيغة كون هذه القاعات تابعة للبلديات، داعيا هذه الأخيرة إلى تقديم يد المساعدة لإيجاد صيغة مناسبة تخدم السينما. من جهة أخرى، تحدث وزير الثقافة عن ترشيد الإنفاق والبحث عن النجاعة من خلال المهرجانات والملتقيات الموسمية التي يبلغ عددها 176 مهرجان ذو طابع محلي، وطني ودولي وتستهلك أموالا كثيرة، وحسبه فقد أن الأوان لأن يكون هناك حراك ثقافي متنوع في كل منطقة والاستجابة لحاجة المجتمع المحلي، ويكون له منتوج ثقافي يتماشى ورغبته وطبيعته. وبصريح العبارة قال ميهوبي:»نريد أن نمتلك مهرجانات مختلفة وليس من يديرها هواة، مما جعل الأخطاء تتكرر كل سنة، ونستبعد الإدارة من هذه المهرجانات، لسنا مطالبين بأن تكون المهرجانات كل سنة، سنقلص من عدد الأيام ونسعى للجودة»، مضيفا أن بعض المهرجانات صارت مملة وفاشلة وبنفس الوجوه، ولابد أن نبحث عن النجاعة والفعالية والتسيير الشفاف، بمحاسبة كل ما ينفق على المهرجانات لأنها مسؤولية مجتمع وهي أموال الشعب. وأبرز في هذا السياق، ضيف منتدى جريدة «الشعب» وجود نوعين من المهرجانات الأول استثماري والثاني استهلاكي، وحسبه أن الجزائر مطالبة بالحفاظ على تراثها كونه القوة الحافظة لهويتنا قائلا:» عملنا كبير في جمع هذه المهرجانات لتقديم قيمة مضافة»، مؤكدا أنه لن يكون هناك إلغاء للمهرجانات بل تنظيمها من حيث التوقيت والزمن، مما سيؤثر تلقائيا على الكلفة المالية التي توجه لهذه المهرجانات، وأن الوصول إلى المهنية يتطلب وضع قانون خاص بالمهرجانات والوزارة الوصية تعمل على هذا الموضوع عبر لجنتها المختصة، مجددا تأكيده على أن تحسين التسيير في المهرجانات والبحث عن المهنية هو من أهداف قطاعه. وبالمقابل، شدد ميهوبي على أهمية التكوين لبلوغ المهنية والدفاع عن صورة الجزائر، داعيا الجمعيات الثقافية إلى وضع برامج ناجعة تستحق الدعم مفيدا بأنه طلب من المديريات الثقافية التعامل مع الجمعيات بشكل ايجابي، معربا في هذا الإطار عن استعداد دائرته الوزارية لمساعدة الجمعيات المهنية وحسبه أن هذه الأخيرة هي الحل لتجاوز الثقافة الارتجالية التي أصبحت تسيء إلى المشهد الثقافي. ضرورة تطبيق مبدأ الجدارة لإبعاد الرداءة وفي تدخل للمختص النفساني مسعود بن حليمة، طالب بإعادة النظر في الثقافة الجزائرية التي أصبحت تجارية وبحث عن الربح، وتكاد تزول شعب، وأن الشعب بدون ثقافة هو شعب دون مستقبل، مضيفا أنه لابد من إعطاء الثقافة مكانتها الحقيقية، وحسبه هناك تضخيم للاهتمام بالرياضة وإهمال الثقافة، بالرغم من أن الجزائري ما يزال يبدع ويكتب. واقترح طاهر يحياوي رئيس جمعية ثقافية إنشاء أكاديمية ثقافية وإعادة النظر في مديريات الثقافة على مستوى الولايات، واسترجاع المراكز الثقافية، أما الكاتب عبد العزيز بوشفيرات فقد اقترح تطبيق مبدأ الجدارة والاستحقاق في الثقافة لإبعاد الرداءة. وترى المحامية ورئيسة الجمعية الوطنية لحماية الهوية والتراث ليندة سعد العود، ضرورة وضع برنامج وطني لحماية الهوية قائلة أن التراث الوطني في حالة يرثى لها كونه يتخبط في عدة مشاكل، وحسبها أن توظيف التراث الوطني والهوية لا يجب أن يبقى مجرد فولكلور، كما أعربت عن جاهزيتها لتقديم إقتراحات جادة لوزارة الثقافة. وتجدر الإشارة، إلى أن ندوة منتدى جريدة «الشعب» شهدت أطول نقاش دام ساعتين ونصف.