عرفت قسنطينة منذ إعلانها عاصمة للثقافة العربية قفزة نوعية من حيث الانجازات القاعدية والهياكل الاسترتيجية التي استرجعت للولاية مكانتها لؤلؤة الشرق الجزائري، ذلك من خلال استرجاع مؤهلاتها الاجتماعية والثقافية. ومع انطلاق التظاهرة الثقافية وبرامجها والتي احتضنتها قاعات كبرى مراكز وقصور ثقافية أضافت لقسنطينة هياكل استقبال فعاليات الحدث الاستثنائي الذي يصنع بمدينة الجسور المعلقة وعلى رأسها القاعة الكبرى للعروض “أحمد باي” الذي اعتبرت من أهم الاستثمارات الضخمة بالجزائر عموما ومن الضروري أن يستمر في تفعيلها وضمان صيرورة الفعل الثقافي الدائم بهذا الصرح الضخم الذي يستلزم أن يحتضن الفعاليات الثقافية رغم نقص الحضور. هذا ما يترتب تعويد الناس على التوجه لقاعة “أحمد باي” وحضور البرامج والأسابيع الثقافية للدول العربية، والاستمتاع بما يعرض من حفلات فنية وغيرها وهو ما سيضمن استمرارية الفعل الثقافي بالهيكل الذي اعتبره “عز الدين ميهوبي” اثناء زيارته الأخيرة لمدينة الجسور المعلقة مكسبا حقيقيا. وعن تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية أكد ميهوبي أن هذه التظاهرة لا تنفك وأن تحقق أهدافها شيئا فشيئا وأن فعالياتها تجري بصورة ممنهجة ومبرمجة على أساس أجندة تجدّد كل ثلاثة أشهر. إنها رسالة إلى الجهات الوصية بتفعيل وتطوير أدوات الاتصال خلال التظاهرة من أجل التبليغ عن البرامج بطريقة منظمة، ذلك عن طريق الرسائل القصيرة، المواقع الإلكترونية وعبر أمواج الإذاعة ليكون الاتصال والإعلام أوسع ويصل صداه لأبعد نقطة. تواصل النشاطات الهائلة في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية يأتي على رأسها انطلاق تصوير فيلم “البوغي” الذي يرتبط بذاكرة المدينة وموروثها الثقافي والحضاري إضافة إلى تظاهرة ثقافية حول الشيخ “عبد القادر مجاني”، ندوة حول المرأة والحرية التي ستكون بمشاركة عدد من الشخصيات العربية. وهناك عدد كبير من الأنشطة التي تبرز التنوع الثقافي للبلدان التي تشارك ضمن الأسابيع الثقافية العربية التي لا تزال تتواصل، ناهيك عن الأعمال السينمائية كفيلم “أحمد باي” الذي سيكون إضافة مهمة للاهتمام بالشخصيات التاريخية كما يتم تنظيم فعاليات الفيلم الأمازيغي بقسنطينة في إطار التظاهرة دائما. وحسب متتبعي الشأن الثقافي فإن قاعات السنما تعرف الانتعاش بالعودة الى القطاع الأم الثقافة وليس البقاء في وضع كارثي بعد انضمامها الى البلديات وما تبعه من اهمال وتسيب. وقد أثارت “الشعب” هذا الموضوع مع وزير الثقافة في احدى زياراته لقسنطينة. وقال في هذا الشأن: “قاعات السينما التي لطالما طرحت إشكالا كبيرا منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي والتي خرجت عن وصاية وزارة الثقافة وأوكلت للمصالح البلدية ما ساهم في تراجعها بسبب سوء تسييرها ما جعل السينما الجزائرية تفقد أهم ركن فيها وهي القاعات السينمائية”. لكن ما العمل؟ إنه السؤال الكبير المطروح وقدمت وزارة الثقافة الإجابة عنه أكثر من مرة. مساعيها تنصب على تطوير قطاع السينما بعد استعادة القاعات مع وضع تصور لكيفية إدارتها وتسييرها حيث ستعقد ندوة منتصف شهر نوفمبر القادم بمشاركة عدد من الاقتصاديين ورجال الأعمال والخبراء بهدف دراسة كيفيات الاستثمار في قطاع السينما الذي سيكون بإنشاء المجمعات والأحياء السينمائية والحرص على مسألة التكوين في المجال السينمائي. وحسب ميهوبي، فإن وزارة الثقافة تتكفل بما يفوق 30 إلى 40 بالمائة من تكلفة الأفلام والتي تدفع لجهات أجنبية ومن المساعي الأساسية أن يتم تقليص الفاتورة ويتم إنتاج أفلام جزائرية 100 بالمائة. بهذه الطريقة، يعيد الاعتبار للسنما الجزائر المطالبة باستعادة مجدها وبريقها بعد سنين من النجاح في أكبر المهرجانات وأكثرها قيمة وصيتا.