بين 28 أكتوبر 1962، ذكرى إسترجاع السيادة على الإذاعة والتلفزيون اليوم وإحياء إنطلاق ثورة 1 نوفمبر 1954 يوم الأحد القادم يتعانق الحدثان الوطنيان في أروع صورهما وأرقى تعبيرهما النضالي العظيم من أجل التحرير وبسط اليد على وسيلتين إعلاميتين كان للأولى أي الراديو الأثر البليغ في نفسية المجاهدين البواسل، والثوار الأحرار، عند سماع الصوت الأسطورة عيسى مسعودي وقدرة طاقمه في تحطيم معنويات عساكر الإحتلال الفرنسي وجعلها في الحضيض. اليوم ذاكرتنا متوجهة إلى كل الذين ضحوا من أجل هذا الوطن، واستشهدوا من أجل الجزائر تاركين العهد والأمانة العهد تحرير الوطن مهما كان الثمن، والأمانة حماية الاستقلال والوطن مهما كانت التحديات، هذه رسالة الشهداء الأبرار والمجاهدين الأخيار والمناضلين الأطهار. ومحطة 28 أكتوبر 1962 هي لاستكمال هذا المسار التحرري بطرد الاستعمار من هذه الديار وإبراز له قدرة الجزائريين في تسيير بلدهم حتى في الظروف الصعبة ليسوا في حاجة إليه وهذا عندما قرر تقنيوه مغادرة مبنى الإذاعة والتلفزيون معتقدين بأن البث سيتوقف لا محالة إلا أن الجزائريين كانوا عند حسن ظن هذا الشعب المغوار وهذا بمخاطبة في تلك الأمسية «هنا الجزائر هنا صوت الثورة والاستقلال ليفتح عهدا جديدا في مسيرة هذا الوطن في كل الميادين التنموية». وبقدر ما تفرض الذكرى نفسها على الجميع إلا أنها تترجم ذلك التواصل في مفهوم النضال الوطني، التحرري الذي لا يفصل بين الأهداف المتوخاة وكل حدث يكمل الآخر، باتجاه الصورة المرسومة لدى قيادات الثورة آنذاك في بناء الدولة من خلال أركانها وقدرتها الفائقة في التواصل مع الآخر عن طريق وضع البناء أولية كالإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الجزائرية. والصحافة المكتوبة التي كانت تنقل رسالة الوطن، والمواطن، في جزائرية فتية خرجت من حرب ضروس وتخلصت من استعمار استيطاني لا إنساني يكفي ما إقترفه في الجزائر من جرائم ضد الإنسانية ومن إبادة جماعية سجلها التاريخ بكل تفاصيلها، وماتزال على أجساد الأبطال شاهدة على وحشية هذا المحتل. ولم تتوقف الإذاعة والتلفزيون في الكشف عن هذه الجرائم منذ الاستقلال مساهمة منهما في كتابة تاريخ الثورة بالصوت والصورة كشهادات حية قادرة وأحيانا استثنائية ماتزال راسخة في ذاكرة الجزائريين تظهر عطاءات الثوار وعظمة الثورة في أوج تضحيات أبنائها من أجل الاستقلال جلبت لهم كل التقدير والإحترام في العالم، توجت بتضامن دولي لا مثيل له ومنقطع النظير تبين لفرنسا فيما بعد بأنها في الربع الساعة الأخير، وأن استقلال الجزائر آت لا ريب فيه وما على فرنسا إلا الاستعداد للرحيل النهائي عن هذه الأرض الطيبة التي أفسدتها لمدة 130 سنة. والتقارب بين 28 أكتوبر 2015 و 1 أول نوفمبر 2015 يبين ما مدى الإنتصارات العظيمة التي حققتها الثورة في كل الميادين الحساسة سواء في المعارك التي خاضها المجاهدون أو في الجانب النفسي (البسيكولوجي) الذي كان السلاح الفتاك للإستعمار حاول بواسطته نداء الثورة في مواقع شتى كان مصيره الفشل الذريع والإحباط المعنوي وهذا عندما كانت قيادة الثورة لها بالمرصاد أجهضت الكثير منها بفضل عبقرية الثوار الجزائريين آنذاك وهذا بشهادة الفرنسيين آنذاك. هذه المعركة البسيكولوجية انتهت لصالح الجزائريين بدليل أنهم نالوا استقلالهم بالدم وهذا في حد ذاته ضربة قاصمة للاستعمار، أعطت نفسا قويا للجزائريين قصد المضي قدما في إظهار الكفاءات العالية في إدارة شؤون البلد في بداية مسيرة الوطن، وهذا بالتحكم التقني في تسيير الإذاعة والتلفزيون والركيزتان الإعلاميتان كانا لهما الدور الحاسم في تبليغ رسالة الجزائر.