مشروع قانون حماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وترقيتهم يكرس المقاربة المدمجة لترقية هذه الفئة    تصنيف ملف "الزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير" في قائمة اليونسكو تم على أساس القيمة الأصيلة للمهارات والمعارف المرتبطة به    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    تعويض عادل عن نزع ملكية مشروع منجم الزنك بأميزور    تطور متسارع للعلاقات الجزائرية الموريتانية على مختلف الأصعدة    انطلاق المؤتمر الإفريقي للشركات الناشئة في طبعته 3 بالعاصمة    جرائم المستعمر الفرنسي في الجزائر لا تسقط بالتقادم    إمعان في الجريمة وإصرار على حرب الإبادة    آيت نوري وحاج موسى ومازة يلهبون الميركاتو في "البريميرليغ"    دورة دولية بالجزائر هذا الشهر    قادرون على تحقيق مشوار إيجابي    إطلاق استبيان وطني لتقييم وتقويم الرقمنة بقطاع التربية    الرئيس تبون يترأس مراسم تكريم النخب الرياضية العسكرية    مسرحية تعكس قدرات أطفال "متلازمة داون"    2025.. سنة تعميم الدفع الإلكتروني    إنتاج 18 مليون قنطار من الحمضيات هذا العام    صهاينة يدنّسون الأقصى    غرباء يصولون ويجولون داخل الحرم... والمخدرات مشكل أخطر    وزير التربية يستقبل رئيسي لجنتي التربية بغرفتي البرلمان    سيدي السعيد ومزيان يلتقيان مدراء القنوات الخاصة    خليف تتدرّب في أمريكا    زغدود مدرباً جديداً لآقبو    استثمارات أوروبية بقيمة 2.5 مليار دولار بالجزائر    جامعة وهران 1 تتحصل على وسم رابع    الإطاحة بمحتالين    ضبط 6884 كبسولة مهلوسات    توقيف طبيبة غير شرعية    الجزائر تتضامن مع شقيقتها سوريا    دعوة إلى تعميم استعمال الذكاء الاصطناعي    القدورة والملحّفة في قائمة اليونسكو    مرافعة دولية عن قضية عادلة    الجزائر تسعى لحظر التجارب النووية    الجزائر-جنوب إفريقيا: عهد جديد لعلاقات تاريخية متينة    رئيس الجمهورية يكرم الرياضيين العسكريين المتوجين بالميداليات في الطبعة الثانية للألعاب العسكرية الإفريقية    الشلف..استحداث لجنة لمراقبة الجودة بالمعرض الوطني للعسل    وزيرة الخارجية البوليفية تؤكد على موقف بلادها الثابت والداعم لكفاح الشعب الصحراوي العادل    في الذكرى ال30 لوفاته..إبراز بطولات المجاهد الراحل العقيد محمدي السعيد    ربيقة يدعو لاستحضار المعاني في سيرة ماضي الجزائر المجيد.. "محرقة الأغواط" جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم    وزير المالية:"2025 ستكون سنة الاستخدام الشامل لأدوات الدفع الالكتروني    نزع الملكية الأراضي لفائدة مشروع منجم الزنك والرصاص ببجاية : عرقاب: الدولة ستعوض المواطنين المعنيين بصفة مرضية وعادلة    البويرة تضيء على زاوية الشيخ الحمامي في ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر    بوغالي يستقبل من طرف رئيس برلمان عموم أمريكا اللاتينية والكاريبي "البرلاتينو"    حملة توعوية من مخاطر غاز أحادي أكسيد الكربون بالجامعات    البليدة..إصابة 16 شخصا بجروح في حادث اصطدام بين ثلاث مركبات    العدوان الصهيوني على غزة: 440 حالة اعتقال في الضفة والقدس خلال نوفمبر الماضي    كاس الكونفدرالية الافريقية/نادي جاراف-اتحاد العاصمة: أبناء الزي "الأحمر والأسود" يحلون بدكار    تنظيم المهرجان الدولي الثالث للفيلم الوثائقي " سيدي امحمد بن عودة" في ديسمبر بغليزان    وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني يعقد اجتماعا بمجمع صيدال    نحو إعادة هيكلة مجمع "صيدال"    نشر الكتب بطريقة البراي لفائدة المكفوفين : "الإبصار بالمعرفة" تجربة رائدة في الجزائر    اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة: عرض مسرحية "محكمة الغابة" بالجزائر العاصمة    نسوا الله فنسيهم    تطعيم المرأة الحامل ضد "الأنفلونزا" آمن    إنتاج صيدلاني: دراسة إمكانية إعادة تنظيم وهيكلة مجمع صيدال    المغرب: تصعيد احتجاجات الأطباء و الدكاترة العاطلين عن العمل في ظل تجاهل الحكومة المخزنية لمشاكلهم    الصلاة هي أحب الأعمال إلى الله والسجود وأفضل أفعالها    هؤلاء الفائزون بنهر الكوثر..    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقصلة.. «الآنسة» التي قهرتها شجاعة الشهداء
نشر في الشعب يوم 18 - 11 - 2015

على هامش مداخلة تاريخية نظمتها مؤسسة فنون وثقافة، التقينا السيد أحميم أعراب، المهتم بقضايا التاريخ وبالأخص المقصلة، آلة القتل هذه التي حصدت مئات الأرواح حين احتلال فرنسا للجزائر، وبالأخص إبان الثورة التحريرية. وأشار السيد أعراب في حديثه ل»الشعب» إلى التضارب الذي تجسده هذه الآلة، التي صمّمت بهدف أنسنة عمليات الإعدام، كما يقول مهندسوها، أنسنة إنما عبرت عن الوحشية والهمجية الاستعمارية.
أحميم أعراب متقاعد من قطاع التكوين والتعليم المهنيين، فضل تخصيص سنوات تقاعده للنشاط الثقافي بمختلف الأشكال، ومنها النحت على الحجر. وعن سبب وقصة اهتمامه بتاريخ «المقصلة» يقول أحميم أعراب ل»الشعب»: «لقد عايشت في صغري الحقبة الاستعمارية، وسبق لي وأن قمت بمعرض فني وصادف أن حضر أعضاء الجمعية الوطنية للمحكوم عليهم بالإعدام، الذين نشطوا في نفس القاعة لقاءً عن الشهيد طالب عبد الرحمن و»معركة الجزائر»، وهنا بدأ اهتمامي بالمقصلة وشهدائها، كما طلب مني أعضاء الجمعية أن أصنع لهم مجسما صغيرا للمقصلة وصنعته بالفعل وأهديته للجمعية».
تطرق أعراب في مداخلته إلى تاريخ المقصلة في فرنسا، التي كانت نتاج السياق السياسي والاجتماعي آنذاك، حيث كانت 1789 سنة الثورة الفرنسية، وهي حركة سياسية وثقافية في عمق المجتمع الفرنسي، وحركت المجتمعات الأوروبية بطريقة قوية، وكانت بمثابة المعبر إلى الحداثة. ورافق «عصر الأنوار» والثورة الفرنسية نشأة البورجوازية والرأسمالية.
وهنا تكمن المعضلة، فالفلاسفة مثل ديكارت جاؤوا بأفكار حديثة، وجاء اختراع المقصلة، في بادئ الأمر، من أجل أنسنة تنفيذ الإعدام، حتى لا يعاني المحكوم عليه بالإعدام ويفارق الحياة بطريقة «رحيمة»، ولكن هذا الأمر صالح وصحيح إذا ما تمت مقارنته بما كان سائدا آنذاك، من وسائل وحشية منها السحب من الأطراف حتى الموت، لتصير المقصلة أو «الآنسة» كما تسمى وسيلة «أرحم» لإنفاذ العقوبة.
ولكن هذا لم يتعد كونه الهدف، وما حدث هو أن المقصلة صارت أداة إرهاب في فترة ما يعرف ب»الرعب» التي صاحبت الثورة الفرنسية، والتي أعدم فيها قرابة 20 ألف شخص.
وأشار أعراب إلى فرانسوا ميتران الذي سبق وأن شغل منصب وزير داخلية ووزير عدل في الحكومة الفرنسية، وفي عهده أعدم العدد الأكبر من المجاهدين الجزائريين، كما أن المحاكم العسكرية أعطت «الكارت الأبيض» للجيش من أجل أن يقيم محاكمات صورية ويعدم مجاهدي جبهة التحرير الوطني الجزائرية، ومن بينهم الشهيد أحمد زبانة، وكان أغلب من أعدموا بالمقصلة ضحايا هذه المحاكمات الصورية، وهو ما جاءت به المؤرخة الفرنسية سيلفي تينو، في كتابها «Une drôle de justice ; les magistrats dans la guerre d'Algérie».
كيف دخلت المقصلة إلى الجزائر؟ يجيب أحميم أعراب عن هذا السؤال، ويقول إن عسكريا فرنسيا حضر عملية إعدام بالجزائر باستعمال السيف، حيث نفذ الجلاد الحكم مرتين ولم يمت صاحب العقوبة، فكان في أكتوبر 1842 أن دخلت المقصلة لأنسنة الإعدام، وبعد ذلك بسنة، أي في 1843 كانت أول عملية إعدام بالمقصلة لجزائري واسمه عبد القادر بن زلوف بن دحمان، وكانت قضية من القانون العام وليس الجهاد ضد المستعمر.
أما من بين من عوقبوا على وقوفهم ضد فرنسا بالمقصلة، أرزقي البشير الذي أعدم مع رفاقه في عزازقة سنة 1895 وعمره 30 سنة، وكان من «الخارجين على القانون» وأوجع فرنسا كثيرا، ويدعى روبن هود الجزائري، حيث أثرت مقاومة المقراني والشيخ الحداد في طفولته.
وإبّان حرب التحرير كان أول شهيد للمقصلة أحمد زبانة في 19 جوان 1956، وتوقفت المقصلة مرتين وتعطلت ولم يقطع رأس الشهيد، ولكن وعكس ما ينص عليه القانون، أصر الجلادون على قطع رأس زبانة، «الذبيح الصاعد» كما أسماه مفدي زكريا، ولم يطبقوا مبادئ و»أنوار» عصرهم، يقول أحميم.
وبلغ عدد شهداء المقصلة في حرب التحرير 222 شهيدا، أعدم أغلبهم إثر محاكمات صورية، من ضمن 1500 محكوم عليهم بالإعدام، وهو رقم تقريبي قد ينقص أو يزيد. كما أشار السيد أعراب إلى فرنسي مناضل مع جبهة التحرير الوطني أعدم بالمقصلة هو «فرناند إيفتون»، الذي وضع قنبلة في مصنع الغاز الذي كان يعمل به في العاصمة.
ورغم توفر طرائق أخرى للإعدام، إلا أن المستعمر أصّر على أن يكون كل من يعدم داخل أسوار السجن بالمقصلة، ولا نتحدث هنا عمّن كانوا يقتلون رميا بالرصاص خارج أسوار السجون، أو من استشهد تحت التعذيب وهم كثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.