التنازل عن العقار للمستثمرين وفق شروط لم تحمل مداخلات نواب المجلس الشعبي الوطني في اليوم الثالث والأخير من مناقشة مشروع قانون المالية أي جديد، إذ أن أحزاب الأغلبية ثمنت محتواه عموما وإن كان محل انتقاد من ممثلي الشعب في بعض التشكيلات على غرار نواب حزب جبهة التحرير الوطني الذين انتقدوا الزيادات، فيما كان محل انتقاد لاذع من قبل أحزاب المعارضة مثلما هو الشأن بالنسبة لحزبي جبهة القوى الاشتراكية والعمال، الذين أعابا عليه تقديم الامتيازات للمستثمرين واثقال كاهل المواطنين. إذا كان موقف أحزاب الأغلبية على غرار جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي واضح، حيث أنهم سيصوتون لتمرير مشروع قانون المالية قياسا إلى مداخلاتهم وقبل ذلك الالتفاف حول برنامج رئيس الجمهورية ودعم مخطط عمل الحكومة، فإن أحزاب المعارضة بدورها أبانت عن موقفها وفق ما أوحت به مداخلات نوابها على مدى 3 أيام كاملة من النقاش، ولعل ما لا يختلف فيه اثنان رفض القانون من قبل حزب العمال و»الأفافاس» الذين عبروا صراحة عن ذلك، وعلى الأرجح تتجه أحزاب تكتل الجزائر الخضراء الذي يضم تحت لوائه حركة مجتمع السلم وحركتي الإصلاح الوطني والنهضة، نحو الامتناع عن التصويت. وعلى عكس مشاريع قوانين المالية للسنوات الأخيرة التي كانت محل تثمين من قبل أحزاب المعارضة لما تحمله من إجراءات وان انتقدتها، فان مشروع قانون المالية الذي يأتي في سياق اقتصادي حرج، كان محل انتقاد واسع من قبل المعارضة، التي أعابت عليه إقرار زيادات في أسعار المواد الواسعة الاستهلاك على غرار الكهرباء والغاز والوقود، وبالتالي البحث عن حلول لمشكل تراجع الموارد في جيب المواطن، وفي مقبل ذلك تقديم تحفيزات وتسهيلات هامة للمستثمرين. ولم تكن الزيادات التي حملها مشروع القانون للسنة الجديدة المشكل الوحيد بالنسبة لنواب المعارضة الذين اتهمهم زملاؤهم بالمزايدة واستغلال مشاعر المواطنين بعد فشلهم كمعارضة في افتكاك موقع لهم، اذ أنهم انتقدوا مواد نجحوا في إسقاط البعض منها على مستوى لجنة المالية والميزانية مثلما هو الشأن بالنسبة للمادة 71 التي تمنح لوزير المالية صلاحية منح الاعتماد المالية، نقطة رفضها كل النواب بما في ذلك المنتمون الى أحزاب الأغلبية، الذين أكدوا أن الإجراء من صلاحيات السلطة التشريعية التي ترفض التنازل عنه جملة وتفصيلا. كما كانت المادة 53 التي حذفتها لجنة المالية والميزانية محل انتقاد واسع، كونها تنص صراحة على التنازل عن العقار للمستثمر في قطاع السياحة بمجرد الانتهاء من المشروع، واستنادا الى أعضاء لجنة المالية، فان المادة 59 التي أثارت استياء النواب تكرس العودة للمديونية حسبهم تم فهمها بطريقة خاطئة تماما، فالتمويل الأجنبي لا يعني بأي حال من الأحوال الاستدانة، ومن هذا المنطلق تمسكت اللجنة بها، على أساس أنها حل بديل للجوء الى أموال احتياطي الصرف لتمويل المشاريع الإستراتيجية. وتتجه المعارضة عموما وفق ما أوحت مداخلات ممثليها في قبة البرلمان الى رفض القانون، الا أن أحزاب الأغلبية لن تتأثر بموقفها وستمرر مشروع قانون المالية ل 2016 دون صعوبة تذكر، رغم أن أغلب المداخلات المسجلة وعددها 194 كانت ذات طابع انتقادي.