مواجهة في البرلمان بين الموالاة والمعارضة حول قانون المالية يشرع نواب الغرفة السفلى للبرلمان اليوم في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2016 الذي أثار كثيرا من الجدل حتى قبل عرضه في الجلسة العلنية بسبب بعض التدابير والأحكام التي جاء بها وخاصة تلك التي أقرت زيادات في أسعار الكهرباء والوقود و مواد أخرى تتعلق بالتنازل عن العقار، ويتوقع الجميع أن يكون النقاش حارا والخلاف كبيرا بين نواب الموالاة و نواب المعارضة الذين يصفونه بأخطر قانون مالية في تاريخ البلاد. يأتي عرض مشروع قانون المالية للسنة المقبلة هذا العام بالبرلمان في ظرف استثنائي، فعلاوة عن التأخر الكبير في مناقشته مقارنة بالسنوات الماضية فإن المشروع يأتي في ظرف متميز بسياسة ترشيد النفقات حتى لا نقول التقشف التي أقرتها الحكومة منذ بداية العام الجاري بسبب تهاوي أسعار النفط، ومنه جاء القانون في حد ذاته مثيرا للجدل بما تضمنه من بنود وتدابير تذهب في هذا الاتجاه من حيث أنه أقر زيادات في أسعار الوقود والكهرباء ومواد أخرى للتنازل عن العقار السياحي التي رفضتها اللجنة في آخر المطاف بعد أخذ ورد بين أعضائها وتدخل من جهات أخرى. وبعيدا عما أدخلته لجنة المالية والميزانية من تعديلات على المشروع بعد أخذ ورد بين أعضائها المنتمين لعدة تشكيلات سياسية فإن التوجه السياسي العام الذي يطغى اليوم على قاعة مبنى زيروت يوسف يتراوح بين قبول المشروع كما عدلته اللجنة من طرف نواب الأغلبية خاصة نواب التجمع الوطني الديمقراطي في المقام الأول والآفلان، ورفض جزئي لبعض مواده من قبل نواب المعارضة خاصة نواب الكتلة الإسلامية الذين وصفوه بالأخطر في تاريخ البلاد. ففي الوقت الذي وصفت فيه الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون المشروع بغير الوطني وبأنه يعمل على افقار الشعب ورهن السيادة الاقتصادية للبلاد ويقدم هدايا للأوليغارشية الوطنية والأجنبية، يقول النائب عن الآفلان وعضو لجنة المالية إلياس سعدي أن 99 بالمائة من التعديلات قام بها نواب الآفلان وليس نواب المعارضة، ويضيف في تصريح للنصر أمس أن أعضاء اللجنة التي يشكل فيها نواب الآفلان الأغلبية هم الذين اسقطوا المواد الخطيرة مثل المادة 53 و 71 ومواد أخرى وليس نواب المعارضة في اللجنة من قام بذلك. لكن نائب جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف يرفض هذا جملة وتفصيلا ويقول أن اللجنة لم تلغ سوى مادتين هما 53 المتعلقة بالتنازل عن العقار السياحي التي تبرأ منها حتى وزير السياحة نفسه، والمادة 71 التي تسمح للحكومة بإجراء تسويات في الميزانية خلال السنة دون الرجوع للحكومة، عدا ذلك فإن كل الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية مررت كما هي، بل أن اللجنة أضافت زيادات أخرى على تلك التي اقترحتها الحكومة كما حصل بالنسبة للبنزين بمختلف أنواعه والمازوت. ومن هذا المنطلق يضيف بن خلاف في تصريح «للنصر» أمس أن الزيادة في سعر الوقود والكهرباء وقسيمة السيارات ستؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطن ويمس مباشرة بجيبه وهذا هو الأهم في المشروع، و موافقة نواب الأغلبية عليها يعني تواطؤا منها مع الحكومة رغم ما يظهرونه في العلن من دفاع عن حقوق المواطنين، وكل الزيادات التي جاءت بها الحكومة مررت في اللجنة بل أضيفت لها زيادات أخرى. وتحدث نائب جبهة العدالة والتنمية عن 20 تعديلا اقترحها نواب الحزب مؤكدا على أنهم مهما كان الأمر سيقومون بواجبهم كنواب وممثلين حقيقيين للذين انتخبوهم، ووصف القانون بأنه الأخطر في تاريخ البلاد لأنه يكرس الطبقية كونه مجرد إملاءات من أرباب العمل واصحاب المال، مضيفا أنه سيمرر لكن نتائجه ستظهر في المستقبل. وعلى نفس النحو يصف نائب تكتل الجزائر الخضراء ناصر حمدادوش المشروع ويقول في نص مكتوب له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فايس بوك» أمس « مشروع قانون المالية لسنة 2016 يعتبر بحق قانون عقوبات ويغلب عليه الطابع الاستفزازي بمخالب رجال الأعمال، ما يفقده السيادة ويجعله غير وطني ليتجه بنا نحو الرأسمالية المتوحشة.. وهو مشروع يصب في صالح أرباب العمل بمن فيهم الأجانب على حساب المواطن» منتقدا في نفس الوقت الزيادات التي تمس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة جيوب المواطنين والتي قد تؤدي إلى انفجار اجتماعي. وبالنسبة للكتلة البرلمانية لجبهة القوى الاشتراكية فقد درست هذه الأخيرة بتأن المشروع حسب النائب شافع بوعيش وقد حضّر نوابها مداخلات بهذا الشأن، و حسب مصدر من كتلة الآفلان فإن قيادة الحزب لم تعط لحد الوقت أي تعليمات للنواب بخصوص مشروع قانون المالية لكن قيادة الكتلة تصرفت. على هذا النحو بين من يدافع عن المشروع وبين من يعتبره خطير و ضرب للقدرة الشرائية للمواطن البسيط ستنطلق اليوم مناقشات مشروع قانون المالية لسنة 2016 وعلى مدى أربعة أيام، في انتظار التعديلات التي ستدخل عليه في التقرير النهائي.