فقدت الساحة الفنية أحد أقطاب الأغنية القبائلية الذي ترك بصماته في المشهد الوطني إلى جانب المرحومين الشريف خدام، الحسناوي وسليمان عازم. توفي، صباح أمس الثلاثاء، المطرب القبائلي طالب رابح بعد مرض عضال عن عمر يناهز 85 سنة، حيث أصيب بالقصور الكلوي منذ سنوات تاركا ارثا غنائيا في الساحة الفنية الجزائرية يشهد على عظمته. يوارى الفقيد الثرى اليوم الأربعاء ببلدية إفرحونن، مسقط رأسه، مع الإشارة إلى أنه تم إلقاء النظرة الأخيرة على المرحوم بعد الزوال بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو. للتذكير فإن المرحوم طالب رابح تأزمت وضعيته الصحية بعد إصابته بالقصور الكلوي، منذ سنوات، وكان ذلك سبب اعتزاله للفن وابتعاده نهائيا عن هذا الميدان، وقد صرح قبل وفاته أنه أدّى رسالة الفن من قلبه، وتطرق إلى مختلف القضايا وغنى عن الثورة، الغربة، الوطن، والأم، وكان آخر عمل له قبل ثلاث سنوات، هو ألبوم مدح من خلاله رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبث بالقناة الرابعة الناطقة باللغة الأمازيغية. الفقيد طالب رابح يزيد عمر مشواره الفني عن 65 سنة، تم تكريمه من طرف وزارة الثقافة سنة 2012 نظير ما قدمه للأغنية الجزائرية، ورصيده الفني يزيد عن 250 أغنية. كانت بداية المطرب مع آلة «الموندول» في الخمسينيات بالمقاهي الفرنسية، عندما غادر مسقط رأسه «تيزيت» في مرتفعات عين الحمام، وعمره لم يتجاوز 20 سنة، واغتنم فرصة الالتقاء ومخالطة العديد من الفنانين الجزائريين الكبار، على غرار، محمد الجاموسي، العمراوي ميسوم، الشيخ الحسناوي، سليمان عازم، وفرض نفسه على الساحة الفنية. شخصيات ثقافية وسياسية تشيد بالمسيرة الفنية والنضالية للفقيد أثنى فنانون وشخصيات سياسية بالمسيرة الفنية والنضالية للفنان القبائلي طالب رابح، الذي وافته المنية، أمس الثلاثاء، عن عمر يناهز 85 عاما. وحيّا وزيرالثقافة عزالدين ميهوبي في برقية تعزية، المسار الفني للفقيد، معتبرا أنه برحيل الفنان طالب رابح تكون قد «انطفأت شمعة من شموع الأغنية القبائلية» وبوفاته «تفقد الساحة الفنية الجزائرية واحدا من أبرز وخيرة فنانيها الذين قدموا الكثير للأغنية الجزائرية عامة والقبائلية بصفة خاصة». وأضاف الوزير، أن الراحل «رافق العديد من قامات الفن القبائلي على غرار محمد الجاموسي والعمرواي ميسوم وسليمان عازم والشيخ الحسناوي، كما شارك برسالته الفنية في الثورة التحريرية، حيث غنى عن الغربة والوطن والأم». من جهته أشاد رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، بالمسيرة الفنية والنضالية للفنان طالب رابح، قائلا، «لقد كان للمرحوم حضوره المميز في الساحتين النضالية والفنية بوطنيته الصادقة وبمواقفه الثابتة إبان الثورة التحريرية المجيدة». أما المغني والمنشط السابق بالقناة الثانية بالإذاعة الوطنية، بلعيد ثغراولا، فقد أثار المسار المثالي لفنان ومناضل متشبع بأخلاق عالية، مشيدا بقيمه الإنسانية، حيث يقول إنه «كان فنانا متواضعا». وأضاف المغني، متأثرا، أن الفنان طالب رابح «يعد من أحد أعمدة الأغنية القبائلية التي أضفى عليها جملة من الأحاسيس والالتزام»، مشيرا أن بوفاته تكون الساحة الثقافية الجزائرية قد فقدت «معلما» للأغنية الأمازيغية. من جهته اعتبر الفنان أرزقي بوزيد، الذي رافق الفقيد خلال سنوات عديدة، أن الراحل طالب رابح كان فنانا «استثنائيا»، حيث تميز عن أقرانه في تلك الفترة بأدائه الموسيقي، إذ أبان عن موهبته وخلق لنفسه أسلوبا موسيقيا منفردا أثرى الساحة الموسيقية الجزائرية بالقبائلية. وقال الفنان أرزقي بوزيد، إن الساحة الفنية فقدت اليوم قامة فنية من طينة الفنانين العظام من أمثال شريف خدام وسليمان عازم. وعرج الفنان على مسار طالب رابح الفني والنضالي في الغربة، أين عملا سويا بباريس في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، حيث سجلا معا عديد الأغاني رفقة فنانين آخرين أمثال أكلي يحياتن وكمال حمادي، كما التحقا بفيدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني بفرنسا قبل أن يعود الى الجزائر بعد الاستقلال، في الستينيات، ليعمل في القناة الثانية للإذاعة الوطنية رفقة الفنان الشيخ نورالدين. كما أبرز في عديد المرات تعلقه بالوطن وباستقلال الجزائر، حيث ظهرت في أغانيه كأغنية «ألنيو تسرونت» (عيناي تبكيان). من أشهر أغانيه «ايقجون كتش ذاحبيبيو» (يا كلب أنت صديقي) التي تتناول موضوع الخيانة الإنسانية و»اذييلي ربي ذمي» (كان الله في عون ابني) أين يحكي معاناة العمال الجزائريين في المهجر، بالإضافة إلى أغنية «افوك الزيث ذي لمصباح» (انتهى الزيت في المصباح).