بعث رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، برقية تعزية إلى أسرة المرحوم الطاهر بن عيشة، أكد فيها أن الفقيد كان موسوعة وإعلاميا جادا ومفكرا ألمعيا. وقال الرئيس بوتفليقة: “بلغنا ما ألمّ بكم من المصاب الجلل المتمثل في وفاة الكاتب والمفكر الألمعي الأستاذ الطاهر بن عيشة، وإنني إذ أقتسم معكم مشاعر الحزن والأسى، راضيا معكم بقضاء الله وقدره، لا يسعني إلا أن أترحم على روحه الطاهرة، وأسأل المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ووافر مغفرته، داعيا إياه أن يلهمكم ويلهم الأسرة الثقافية جميل الصبر والسلوان”. «لقد عاش الأستاذ الطاهر بن عيشة - يضيف الرئيس بوتفليقة - إعلاميا جادا ومفكرا ألمعيا وباحثا مدققا، شغل بالأدب والأدباء وفتن بالتراث ومطالعة الكتب، مستحضرا شخوص الفكر والعلم والأدب عبر مراحل التاريخ المختلفة، فكان موسوعة حقا وقامة استظل بها الباحثون ردحا من الزمن، ومنهلا يروي ظمأ الباحثين عن الحقيقة”. وتابع رئيس الدولة قائلا: “ولم يكتف الراحل عليه رحمة الله بما تختزنه الكتب والمخطوطات الثمينة وهو يقرأها ويمسح عنها غبار النسيان والإهمال، بل كان يحمل فضوله المعرفي إلى كبار الكتاب والأدباء الجزائريين وغير الجزائريين، رحّالة يحدثهم ويوثق أحاديثهم وأحداثهم، فلا فرق عنده بين الكتاب المسطور والكتاب المنظور يقرأ الكتاب المسطور ويتلمسه... كما يسع الكتاب المنظور ويتحسسه، مستعملا حواسه التي أنعم بها عليه المولى عز وجل ليستكشف أسرار الإنسان وأغواره، ويستقرئ أحداثه وأخباره بفطنته وذكائه وروح الدعابة التي ألفها الناس فيه”. وأضاف رئيس الجمهورية، “إنني أدرك الألم الكبير الذي خلفه فقد الأستاذ الطاهر بن عيشة لدى عائلته الصغيرة، مدركا أيضا مدى الألم الأكبر الذي تركه هذا الفقد لدى جيل من الباحثين الذين اعتمدوا المرحوم كمرجع أساسي مشكلين بذلك عائلته الكبيرة”. «إن الذاكرة الشعبية الجزائرية - يقول رئيس الدولة - تشعر اليوم بشيء من اليتم ما من عزاء لها فيه إلا آلاف المقالات في عشرات من العناوين الإعلامية منذ أربعينيات القرن الماضي والبرامج التلفزيونية التي قدم فيها جوانب من تاريخ الحضارة الإسلامية في أوروبا والأندلس وإفريقيا”. واستطرد الرئيس بوتفليقة قائلا: “إن رحيل الطاهر بن عيشة يستدعي منّا استذكار نضاله الطويل في الصحافة الوطنية رفقة كل أولئك العمالقة الذين سخروا أقلامهم في سبيل الحرية والاستقلال والنقد البناء، فلم يكن لدى الجزائر فرق بين رصاص السلاح ورصاص القلم، فكلاهما كان طريق شاقا إلى وعد الاستقلال ومجد الجزائر”. وخلص رئيس الدولة إلى القول، “مرة أخرى أعرب لكم بأخلص ما يمكن أن تجود به اللغة من عبارات المواساة، وأنا المعني بها أيضا، فمصابكم مصابنا وحزنكم حزننا، وفقيدكم فقيدنا، وإن الأيام أحداث وأحاديث، فإن وجد السابقون رجلا كالطاهر بن عيشة ينقلها عنهم، فهل له في اللاحقين من رجل ينقل عنه أحاديثه وأحداثه، مازال يكتب في التاريخ مجتهدا حتى غدا اسمه في التاريخ مكتوبا”. وتابع قائلا: “رحم الله فقيد الثقافة والفكر الجزائريين وألهمنا وألهم أهله جميل الصبر والسلوان”.