تعرف بهدوئها ورصانة مواقفها التي تعتمد المصلحة الوطنية بوصلتها لتكون بحق تلك المرأة الجزائرية الحاملة لقيم الهوية الوطنية بكل أبعادها التاريخية. إنها السيدة زهور بوخطاية التي تملك مسارا نضاليا في عمق المجتمع ولا تكل ولا تمل في حمل رسالة الشهداء على درب أول نوفمبر تحت مظلة المصالحة الوطنية التي انتشلت البلاد من مخالب فتنة ساهمت في التصدي لها خلال العشرية السوداء، ضاربة المثال الصادق في الدفاع عن الوطن. رغم أنها لا تحبذ الأضواء، قناعة منها أن ما تقدمه يبقى عملا بسيطا مقابل ما قدمته أخريات من حرائر الجزائر، إلا أنها تفضلت باستقبالنا لتقدم صورة مكبرة عن امرأة تحتفظ بإرادة فولاذية مليئة بالصدق والإيثار عن النفس، همّها الأول والأخير أن تستمر بلادنا شامخة بكافة أبناء شعبها الأصيل. هي ابنة الجزائر العاصمة التي رأت النور تحت وطأة الوجود الاستدماري لتتشبع بقيم الحركة الوطنية من خلال أسرتها المناضلة وانخراطها في الكشافة الإسلامية الجزائرية ضمن فوج محمد بوراس بحي بلكور، بلوزداد حاليا، حيث اكتسبت قيم النضال، فساهمت خلال الثورة التحريرية في العمل الفدائي متنقلة بين الولايتين التاريخيتين الرابعة والثالثة تحمل المناشير والبريد وتربط الاتصال تحت إشراف مسئولين في الكفاح. بعد الاستقلال، واصلت العمل مربية بمركز أبناء الشهداء بسيدي فرج من 1963 إلى بداية السبعينيات من القرن الماضي، كما كانت من أوليات المناضلات في اتحاد النساء الجزائريات ثم في صفوف شبيبة جبهة التحرير مشاركة في مسار البناء والتشييد. بالموازاة واصلت بعزيمة المرأة المكافحة ضد التهميش والجهل، خوض مسار تعليمي على مستوى المدرسة الوطنية للإدارة ثم كلية الحقوق بجامعة الجزائر، لتتحول للعمل من التعليم إلى الوظيفة بوزارة العدل، قبل أن تنتقل إلى مهنة المحضر القضائي فلم تنقطع الصلة بمجتمعها. كانت مرحلة التسعينيات التي كادت أن تعصف بالوطن، قدرا آخر لهذه المرأة الوفية لتلبي نداء الواجب ومواجهة خطر الفراغ المؤسساتي، فتحملت المسؤولية ضمن مندوبية بلدية الجزائر الوسطى إلى 1997 ليواصل المرفق العمومي للدولة حضوره في المجتمع، فكانت تتفقد أحوال السكان، خاصة النساء اللواتي عانين من تلك الظروف أمّا وأرملة وطفولة. لم تمنعها حدة الإرهاب من التوغل في الأحياء الشعبية من خلال تشكيل لجان الأحياء وتقديم المساعدة، فكانت امرأة ميدان بحيث بادرت، بالتنسيق مع جهات مسؤولة حينها بإنشاء جمعية آفاق المرأة الجزائرية لتكون مظلة تحمي المرأة في تلك الظروف القاتلة وترافقها على درب الحياة الكريمة، من خلال التضامن والتكوين والتعليم، باعتبار ذلك أسلوبا فعالا في معالجة جذور الإرهاب وتقوية صف مقاومته من خلال بناء الإنسان وبالذات المرأة حاملة قيم الثورة. كانت الرسالة لتلك الجمعية السعي للمّ شمل النساء الجزائريات ضحايا سنوات تلك العشرية ومرافقتهن في تجاوز مخلفاتها. كل تلك الديناميكية لامرأة لا يتزعزع إيمانها بوطنها ساقها في موعد مع القدر النضالي لتكون من مؤسسي التجمع الوطني الديمقراطي، على درب إعادة البناء الوطني المتجدد، فلعبت دورها بلا تردد من أجل العزة والكرامة وكانت بتلك الروح من السباقين لتجسيد مشروع المصالحة الوطنية منذ أن بدأت في شكل الوئام الوطني. تشعر بإدراك المرأة المخضرمة بمدى الثمار التي تحققت تحت مظلة المصالحة بقيادة الرئيس بوتفليقة، بحيث تغيّر وجه الجزائر من خلال الورشات التنموية العملاقة وتستعيد رونقها وتألقها في الوطن العربي وإفريقيا والعالم وهو مجهود جبار تركت المرأة الجزائرية في الأرياف والمناطق المعزولة في الصحراء والهضاب العليا بصمتها فيه وتعد بوخطاية أحد شهوده. في خضم كل هذا الزخم، تواصل حمل لواء النضال حتى تتمكن المرأة اقتصاديا من خلال إطلاق جمعيتها التي لا تستفيد من أي دعم عمومي لبرنامج الأسرة المنتجة المرتكز على التكوين بإشراف عدد من المعلمات والسعي لدعم المرأة المنتجة ببيتها برخصة تجارية لتسويق إنتاجها في الحياكة والعجائن والنقش على الحرير والزجاج والمثلجات وتفتخر الأستاذة بوخطاية بوجود نماذج ناجحة في عدة ولايات مثل تيزي وزو وميلة وتلمسان وقسنطينة وغيرها.