تحفل قصبة دلس العتيقة بالعديد من الشواهد التاريخية والمعالم الأثرية والدينية الخالدة التي رسمت جانبا مهما من تطور المدينة العريقة وأضحت ايقونات رمزية لسكان المنطقة، بالنظر إلى دورها الكبير في التربية والإصلاح ومناهضة الاستعمار وحماية الهوية الوطنية من كل أشكال الطمس، لعلى من أبرزها المدرسة القرآنية سيدي عمار، ضريح سيدي محمد الحرفي والمسجد العتيق أو مسجد الإصلاح التي أعيد ترميمها بعد زلزال سنة 2003، وفتحت أمم الزوار والمصلين قبل حوالي سنتين.. مدينة العلماء والأولياء الصالحين، بهذا الاسم اشتهرت مدينة دلس العريقة التي استقبلت العديد من رموز الإصلاح والفكر الذين استقروا بالمدينة وأسّسوا عدد من المعالم الدينية لا تزال شاهدة إلى اليوم رغم قساوة الظروف الطبيعية وقوة الزلزال الذي ضرب المنطقة، ومن أهمها المدرسة القرآنية سيدي عمار التي ذاع صيتها تلك الحقبة في مجال التربية والتعليم، تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم اللغة العربية للطلاب، حيث تأسست قبل الفترة الاستعمارية الفرنسية وكانت تابعة للمسجد الكبير، ثم تحولت بعد ذلك إلى الإشراف المباشر لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى غاية الاستقلال، حيث ظلّت على نفس النهج ليتم غلقها مؤقتا أمام الطلاب مباشرة بعد الزلزال ليتم فتحها مجددا بعد الانتهاء من عملية الترميم. كما يحمل ضريح «سيدي محمد الحرفي» الواقع بالقصبة السفلى الذي استفاد هو الآخر من عملية ترميم وفتحه أمام الزوار، رمزية كبيرة في وجود المدينة بالنظر إلى بعده التاريخي والديني، حيث تأسس قبل الفترة الاستعمارية من طرف الشيح محمد الحرفي وتحوّل اليوم إلى متحف مصغر يضم الكثير من الكنوز والتحف الأثرية التي ترمز إلى الحقب التاريخية التي مرت بها المدينة وحافظ هذا المعلم لعقود على مهمته النبيلة في التربية وتعليم وتحفيظ القران. أما المعلم الثالث الأهم الذي يظل شامخا وسط المدينة هو مسجد الإصلاح الذي استفاد هو الآخر من عملية ترميم وأعيد فتحه أمام المصلين سنة 2014، بمناسبة شهر التراث وبحضور العديد من الشخصيات الدينية والفكرية التي أبت إلا حضور المناسبة نظرا لما يمثله المسجد من أهمية، فقد شيد قبل دخول الاستعمار الفرنسي للمدينة الذي قام بهدمه سنة 1844 وشيد على أنقاضه مستشفى عسكري، لكن أعيد بناؤه سنة 1847 بنفس الطراز والهندسة المعمارية الأندلسية، واليوم يعود المسجد إلى مهمته في استقبال المصلين الذين ظلّوا أوفياء لهذا المعلم الديني بعد أكثر من عشر سنوات من الغلق، مما اضطرهم إلى الصلاة في مصلى مؤقت بسبب غياب مسجد ثاني في مركز المدينة رغم صغر مساحته التي لم تعد تستوعب الأعداد الكبيرة من المصلين وخاصة في هذه الأيام من شهر الصيام وصلاة التراويح.