تعلق المنطقة العربية، والشرق الاوسط عموما، آمالا كبرى على مواقف الرئيس الاميريكى باراك أوباما لحل مشاكل القضايا الكبرى التى تعانى منها المنطقة، وبالاخص عملية السلام وايرانئ. ولكن لحد الآن تبدو تلك الآمال بعيدة المنال فالرئيس الاميريكى مازال سائرا فى الطريق الذى سطره الرئيس السابق جورج دبليو بوش بعدئ 2006 ئوتعيينه كوندليزا رايس لرئاسة وزارة الخارجيةئ. وكان هذا منتظرا بسبب امتياز السياسة الخارجية الاميريكية بالاستمرارية ئوكذا نقص تجربة الرئيس المنتخب فى ادارة السياسة الخارجية، وخاصة وهو فى سنته الاولى من الحكم. أن القول بأن الرئيس أوباما يمشى على طوى الرئيس السابق جورج دبليو بوش لآ يقلل من نجاحه فى خلق مناخ جديد فى المجتمع الدولى أعطى لأميريكا صورة أفضل عن ماكانت عليه قبل وصوله الى البيت الابيضئ. ورغم هذا، تبقى مواقف الرئيس أوباما مجرد مبادرات ديبلوماسية نظرية لم تترجم بعد الى سياسات خارجية. ولذلك يستبعد أن تؤدى زيارته الى المنطقة هذا الاسبوع الى تغيير جذرى فى مواقف أميريكا اتجاه القضايا الاساسية التى نعانى منها. ولاثبات هذه الفرضية خذ قضية الاستيطان أولا. لقد كتبت الصحافة الاميريكية طويلا الاسبوع الماضى عن هذه القضية، وصورتها بأنها أحدى المسائل الجوهرية التى ستختلق عائقا بين الرئيس الاميريكى و الوزير الاسرائيلى، بنيامين نتناياهو، حيث دعى الرئيس أوباما اسرائيل بوقف الاستيطان فى حين يدعم الوزير الاسرائيلى استمراره وحتى ولو كان ذلك مناقضا لنصوص القانون الدولىئ. هذا ووجد موقف الرئيس أوباما آذانا صاغية فى العديد من وسائل الاعلام الاميريكية من بينها لوس انجلس تايمز التى اعتبرتها خطوة ايجابية نحو دفع السلام فى المنطقة. ولكن ما قاله الرئيس الاميريكى لم يكن جديدا حيث جاء مطابقا لسياسة الرئيس بوش. والفرق هنا فى التدقيق .لقد دعى الرئيس أوباما الى وقف الاستيطان ولم يدعو الى تدميرها، محاولة منه لأرضاء الجماعات المساندة للكيان الصهيونى ذات الاثر الكبير فى سياسة أميريكا نحو الشرق الاوسط، وكذلك لارتباطاته بسياسة أميريكا السابقه حيث جاء فى رسالةئ بعثها الرئيس بوش الى الوزير الاول فى مايو 2004 بأن أميريكا لا، ولن، تنتظر من اسرائيل ان تعود الى حدود 1947 ئوبأنها تتفهم التطور الطبيعى للمستوطنات. وهذا مخالفا لنصوص القانون الدولى التى تعتبر الاستيطان خرقا للقانون الدولى ومبادءه وتدعو صراحة لايقافه مهما كانت دوافعه واشكالهئ. هذا معناه، أن الرئيس أوباما يساند حجة التطور الطبيعى للمستوطنات الجديدة ولا ينو أن يفرض على الكيان الصهيونى احترام اللاوائح الدولية الرافضة لذلك. أن عواقب هذا أن تواصل اسرائيل فى اعتداءاتها على الاراضى الفلسطينية وبناء مستوطنات جديدة، تحت ذريعة أن ذلك أمرا طبيعيا وضرورى لاستمرار كيانها، وكل ذلك برضى أميريكا، ولو ضمنيا. ثانيا، يمكن ادراج نفس الملاحظة على موقف الرئيس أوباما من قيام الدولة الفلسطينية. أنه رغم ادراك الادارة الحالية بأن أفضل وسيلة لتحسين صورة أميريكا فى الشرق الاوسط هى حل القضية الفلسطينية ، فان الرئيس أوباما مازال غامضا فى تعرفيه للدولة الفلسطينية. والدليل أنه يزن كلامه بالطريقة التى توحى عدم مساندته لشرعية حق الفلسطينين فى ارساء دولة كاملة السيادةئ .ففى هذا المجال يستعمل مفردات تقلل من أهمية الحق الفلسطينى مثل استعماله لكلمة ڤآمال،ڤ عوض ڤالحرية،ڤ أو تحدثه عن حق الفلسطينيين بالعيش فى ڤكرامةڤ عوض عيشهم ڤأحراراڤ. و كذلك تطرقه الىڤالعنفڤ كظاهرة فلسطينية فقط أو ڤالارهابڤ للتدليل لمنظمة حماس فقط وليس لأي منظمة اسرائيلية أخرى وحتى لوكانت فى قائمة ما تعتبرهم الوزارة الخارجية الاميريكية ارهابيين. والمقارنة قد لآ تقف هنا عندما نحلل سياسة الرئيس أوباما نحو ايرانئ. فالرئيس الاميريكى مازال يحوم فى الطريق الذى سطرته وزريرة الخارجية السابقة، كوندليزا رايس. لقد فتحت وزريرة الخارجية قنوات ديبلوماسية للتقارب الاميريكى الايرانى ادراكا منها للدور التى يمكن ان تلعبه الدولة الفارسية فى حل الازمات التى تعانى منها أميريكا بالمنطقةئ .وكانت من اهدافها ارساء سياسة الاحتواء التى ستؤدى الى زعزعة النظام الايرانى من الداخل وعن طريق خلق نزاعات داخلية تثمل اثارة الاقليات ضد النظام السياسى رغبة فى اضعافه ليسهل اسقاطه فيما بعد. أن ما فعله الرئيس أوباما لحد الان ما هو الا تجسيدا لتلك المجهوداتئ .فرغم ارساله اشارات ايجابية للقيادة الايرانية توحى بانه يريد التعايش معها فى اطارسلمي الا أنه يبدو ماضيا فى مساندة فكرة الاطاحة بهم. أن أكبر مثال لذلك هو تعيينه لدنيس روس كمبعوثا خاصا لشؤون الخليج فى فبراير الماضى الذى يبدوهذه الايام منهمكا فى تعداد خطة عسكرية لضرب ايران. وحسب مسؤول سامى فى وزارة الخارجية فأن المبعوث روس أصبح مقتنعا بأن الولاياتالمتحدة ستجد نفسها فى آخر المطاف بدون مخرج عدى الهجوم على ايرانئ. وهو الشىء الذى دفع أحد الاخصائيين فى شؤون الدولة الفارسية بالتعليق استهزاء على ذلك التعيين بانه ڤكان من أفضل لو اختار الرئيس الاميريكى ارييل شارون أو ايهود أوالمرت لذلك المنصبڤ. وحتى لا نكرر لأن النقطة أصبحت واضحة بحيث يمكن تعميمها على العراق وما يحصل بافغانستان و باكستان. نتساءل فيما اذا كان مواقف الرئيس الرئيس الاميريكى الحالى ترمز الى خروج الرئيس بوش من باب البيت ليدخله من نافذته. لا أعتقد أنه يمكن التعميم لتلك الدرجة لأن فلسفة الرئيس أوباما وشخصيته تختلف جدا عن فلسفة و شخصية سابقهئ. لذلك يستحسن الانتظار وعدم التسرع اطلاقا على رئاسة أوباما وسياسته الخارجية. لقد جرت العادة أن تبرزبصمات الرؤساء الاميريكيين بعد سنتهم الثانية فى الحكم وذلك لقلة تجربتهم فى ادارة شئون الحكم ومن مركز رئاسى، وبحكم ما يرثوهئ من سياسات سابقة. لذلك يجب أن لا نترقب الجديد فى سياسة الرئيس أوباما نحوالمنطقة العربية و الشرق الاوسط فى المدى القريبئ. اما المدى البعيد فيبقى مجرد تكهنات وآمال لا نعرف مدى دقة مصداقيتها، وللحديث عودة.