شرحت جلسة الاستماع للصحة والمستشفيات والسكان برئاسة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، وضعية القطاع الحساس الذي يخوض معركة تأهيل واصلاح تخرجه من حالة الفوضى والروتين إلى النجاعة والتسيير المحكم، والتكفل بالمرضى والمواطنين على أحسن حال.وأظهرت الجلسة الحاجة الملحة لصحة ذات نوعية، تؤدي خدمة نبيلة للمواطنين الذين أنهكتهم سوء المعاملة والطوابير المملة أمام الشبابيك، وانتظار المواعيد الطويلة للدخول للمستشفى، أو تلقي فحصا مستعجلا لمرض خبيث طارئ.. وبيّنت بالملموس، أن قطاع الصحة في حاجة للعلاج للاهتمام بصفة مقتدرة بحاجيات ملحة لسكان، سكنهم اليأس والملل، جراء الأمراض التي تنخر أجسامهم، ولم تجد العلاج الشافي المقبول في الكثير من الأحيان..ولم تعد المستشفيات، تؤدي الخدمة النبيلة والوظيفة الحيوية، بفعل تزايد الضغط والتدفق عليها من كل مكان في غياب عيادات مختصة جوارية، وصار كل مصاب، يقصد المستشفى للعلاج، بالرغم من أن حالته ليست على درجة من الخطر وتعالج جواريا بالعيادة... وكثيرا ما يحرم هذا المصاب أناس آخرين، أكثر خطورة واستفحالا، من العلاج في المستشفى، وتحدث الأضرار والخسائر.من هنا، جاءت التدابير الاستعجالية لمراجعة الوضع، عبر اعتماد مخطط توجيهي للصحة يعالج الخلل والفجوة، ولم يترك حدوث تراكمات أخرى في القطاع...وتشدد التدابير الجديدة على ضرورة اعتماد سياسة وطنية أخرى للصحة أكثر واقعية ونجاع وفعالية، وتطالب بحتمية سهر قطاع الصحة العمومية على تنظيم العلاج على مستويات عدة، لتقريب العلاج القاعدي والمتخصص من المرضى، وتقليص الضغط على المصالح الاستعجالية.وتكمن في المقام الأول تشجيع العمل بالعيادات الجوارية، وتكثيف مصالح المناوبة، فضلا عن تعزيز المستشفيات بمصالح مختصة بطب الأورام، لتجنب المواطن المريض، المغلوب على أمره شرّ التنقل الحتمي إلى المراكز المتخصصة.وتكمن في المقام الثاني، بتهيئة مناخ الاستقبال والتكفل بالمرضى، ويعد هذا الملف النقطة السوداء في القطاع الصحي على الإطلاق، حيث يشتكي المرضى من الاهمال والتسيب، ويعاملون بانتقائية وتمييز وتكثر المعاناة في أقسام الاستعجالات بصفة مقلقة لا تتطلب المزيد.وشدد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، في تقييمه لمسار الصحة العمومية، على تجاوز هذا الإشكال في أقرب وقت ممكن وذكر بأن التحسن في القطاع وجهود الاصلاح التي أعطت ثمارها باختفاء أمراض كلية وتراجع أخرى إلى أدنى المستويات، لم يخف في شيء السلبيات المسجلة على أكثر من صعيد. أولها: وجوب تحسين الخدمات للمواطنين لكسب ثقتهم ومصداقيتهم، واعادة لهم الأمل الضائع في العلاج بجزائر تنفق الأموال الطائلة وتستثمر في الصحة، لرفع شأنها وقيمتها، وجعلها في خدمة المواطن. ثانيها: تطبيق مخطط تكوين يتماشى والاحتياجات الوطنية ويتجاوب والعناية الممنوحة بالقطاع والأموال الضخمة المرصدة له المقدرة ب 244 مليار دينار طيلة الأربع سنوات الأخيرة فقط. ثالثها: تحسين تسيير المستشفيات والمراكز المتخصصة وضمان استغلال الموارد المالية والبشرية على حد السواء وتجاوز حالة الاهمال وعدم تحمل المسؤولية الكاملة في إدارة شؤون المرضى والمواطنين، والتخلي عن ''ذهنية البايلك'' التي كثيرا ما طغت على شؤون الصحة العمومية. رابعا: التعجيل بتجسيد النظام التعاقدي للعلاج في المستشفيات وهيئات الضمان الاجتماعي واقامة علاقات شراكة وتعاون في هذا المجال، يرفع من الخدمة الصحية ويتكفل أكثر بشؤون المرضى ويخفف من كلفة العلاج على مستوى المستشفيات التي لم تعد قادرة وحدها على تحمل هذا العبء.وبهذه التدابير تستقيم الصحة وتكسب قيمتها وجدواها، وتبعد عنها الصورة البائسة اللصيقة منذ زمان إن الصحة مريضة وهي في حاجة إلى العلاج والتكفل بها.ويحمل المخطط التوجيهي أمل علاج أمور الصحة جذريا، واعادة لها الاعتبار والقيمة كقطاع حيوي استراتيجي، يعمل بلا كلل في تقديم خدمات للمواطنين لا تقدر بثمن..