اعتبر المؤرخ والأستاذ الجامعي محمد لحسن زغيدي، في مداخلته بمناسبة إحياء الذكرى 59 لمعركة اسيين التاريخية، بنها تواصل للعمل الثوري النضالي في المراحل المختلفة، بالنسبة للشعبين الجزائري والليبي، موضحا أن معركة «ايسيين» لم تكن هي أولى النماذج في ذلك التواصل والعمل المتواصل بين البلدين، إنما كانت نقطة تبين الاستمرارية في هذا المجال، لأن الدماء الجزائرية والليبية سالت في المقاومات. أوضح المؤرخ في هذا السياق، أنه في مقاومة الشيخ أمود، منذ مطلع القرن، وفي مقاومة الشيخ أق بكدة في 1916 إلى غاية 1924، قائلا: «نلاحظ أن هذه المقاومات التي شهدتها ولاية إليزي الجغرافية، كانت أنموذجا فريدا من نوعه في التلاحم الأخوي بين الشعبين الليبي والجزائري». وأضاف زغيدي، أنه في المقاومة الليبية كانت المؤازرة الجزائرية بالعتاد والأفراد لدعم حركة التحرير بليبيا. كما أن ليبيا كانت ساحة للتمويل بالسلاح بالنسبة للحركة الوطنية الجزائرية منذ تأسيس المنظمة الخاصة، واستمرت كخزان وقاعدة خلفية للتسليح منذ سنة 1948 إلى غاية 1962، مشيرا إلى أن معركة ايسيين ما هي إلا وقفة استمر معها ذلك التكامل الذي بدأ في المنطقة بفضل الشيخ أمود وأق بكدة، لأن هذا الأخير استمر في المقاومة إلى غاية 1962، كما أنه شخصية فريدة من نوعها. وقال أيضا، إن عدم تدوين المعركة لا يعد تقصيرا وإنما التعريف بهذه الأحداث والمعارك شهدت نقصا في البحث فهو معروف مقاومة الشيخ أمود، لكن في جانب واحد. علما أن المنطقة شهدت قائدين، ابراهيم أق بكدة والشيخ أمود اللذان لعبا دورا على مرحلتين في المقاومة والثورة، مشيرا إلى أن البحث في هذه الشخصيات لم يستكمل مجاله للأسف. وبحسب زغيدي، فإن فرنسا ركزت على منطقة إليزي، لاسيما جانت، لأنها كانت أكثر حساسية استيراتيجيا ومنطقة ربط ما بين دول المحيط ليبيا شرقا ومالي والنيجر جنوبا، وكذا منطقة مواصلات عبر غرب إفريقيا. للعلم، فإن الندوة، التي جاءت في إطار منتدى الذاكرة وبناء على توصية من اللجنة العلمية للجمعية، خلصت إلى مجموعة من التوصيات، أهمها تثمين مبادرة جمعية مشعل الشهيد في إحياء هذه الذاكرة وتخليدها سنويا، ضرورة مواصلة العمل من أجل تعزيز روابط الأخوة بين الشعبين في كنف الأمن والاستقرار والبناء، الإشادة بالدور الريادي للجزائر في إيجاد تسوية سلمية عادلة تضمن وحدة ليبيا واستقرارها وأمنها، بالإضافة إلى رفع رسالة تقدير وعرفان للجيش الوطني الشعبي قيادة وأفرادا، وكافة الأسلاك الأمنية على سهرهم الدؤوب للحفاظ على أمن وسلامة وطننا المفدى. كما أوصى المشاركون، بضرورة السهر على التحضير وإحياء الذكرى 60 لمعركة إيسيين في مكان وقوعها، وإحياء المآثر التاريخية لمقاومة المنطقة، منها الذكرى المئوية لمعركة تاكت في فبراير 2017.