يأتي التعديل تطبيقا لتوصيات اجتماع الثلاثية في طبعته 19، المتعلقة بالنظام الوطني للتقاعد، وحماية التوازنات المالية للصندوق الوطني للتقاعد. لم تتوان أطراف الثلاثة من حكومة ومركزية نقابية وأرباب العمل، في رفع توصية لمراجعة قانون التقاعد، تخص إلغاء النسبي الذي يمكن الاستفادة منه في 50 بالنسبة للرجال و 45 بالنسبة للنساء، ودون شرط السن الذي يطبق بأولئك الذين أتموا 32 سنة من العمل، مهما بلغوا من العمر، حفاظا على شريحة المتقاعدين التي تتجاوز اليوم المليونين و 800 ألف متقاعد، ينتظرون نهاية كل شهر للحصول على معاش يحفظ لهم العيش الكريم، أمر مستحيل إذا ما استمر العجز الذي يعاني منه الصندوق الوطني، الذي وعوض أن يدفع معدل 10 أعوان من التقاعد للعامل بعد إحالته على التقاعد في سن 60، يدفع معاش مدة معدلها 20 سنة كاملة أي الضعف، لأن العامل يتقاعد في سن الخمسين، أي 10 أعوام كاملة قبل الوقت المحدد. هذا الأمر أثقل كاهل الصندوق الذي يواجه شبح الإفلاس، ويواجه من خلاله 3 ملايين عامل هاجس عدم تقاضي المعاشات، مسألة لن تسمح بها الدولة الجزائرية وهو ما أكده المسؤول الأول على قطاع العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي في عدة مناسبات. أشار الوزير الوصي أكثر من مرة، إلى أن سن التقاعد الذي تم الإبقاء عليه أي 60 سنة، منخفض في الجزائر مقارنة بدول أخرى ذكر منها ألمانيا 67 سنة، إسبانيا وإيطاليا 63 سنة . كما لم يخف الغازي تعجبه من إقبال عمال في أوج العطاء وسنهم لا يتجاوز 45 سنة على التقاعد مثلما هو الحال في قطاع التربية الوطنية، للحصول على نصف الراتب المتقاضى فقط كمنحة تقاعد، تقتطع من اشتراكات العمال ويذهب لتلقين دروس دعم للحصول على أجر ثان، مصنفا هذا السلوك في خانة «التحايل على القانون». وجاء في عرض الأسباب الواردة في مشروع قانون يعدل ويتمم القانون 8312 المؤرخ في 2 جويلية 1983 والمتعلق بالتقاعد، الذي تحصلت «الشعب» على نسخة منه، أنه يأتي «تطبيقا لتوصيات الثلاثية 19 المتعلقة بالنظام الوطني للتقاعد، وحماية التوازنات المالية للصندوق الوطني للتقاعد، وتجسيدا للمقترح يقترح مشروع القانون الذي يناقشه ممثلو الشعب اليوم، «إلغاء أحكام التقاعد النسبي ودون شرط السن، المحدثة بموجب المادة الثانية من الأمر 9713 المؤرخ في ماي 1997 ، المعدل والمتمم للقانون 8312 المؤرخ في 2 جويلية 1983 المتعلق بالتقاعد. وتذكر الوثيقة بأن «وضع هذا الجهاز الخاص بالتقاعد النسبي ودون شرط السن، في سياق التعديل الهيكلي من أجل التكفل بعمليات تسريح العمال، التي تلت غلق عدة مؤسسات وطنية»، لكن الوضع استمر على ما كان عليه إلى غاية اليوم رغم تجاوز الفترة، إذ «استمر النظام الوطني للتقاعد في تسجيل عدد معتبر لطلبات الاستفادة الإرادية من التقاعد بقل سن 60 سنة»، مثلما يخوله الأمر الصادر في 1997 ، أمر ترتب عنه «الإضرار بحدة بالتوازنات المالية» للصندوق، ولوضع حد لهذه الوضعية، اقترح القانون إلغاء الصيغتين، لاسيما وأنها كانت ذات طابع انتقالي يستجيب لظرف معين الذي شكل استثناء، والعودة إلى القاعدة ممثلة في التقاعد في سن 60 الرجال و 55 بالنسبة للمرأة. ولم يغفل المشرع جانبا آخر لا يقل أهمية في الظرف الاقتصادي الراهن، إذ يكرس مشروع النص «حق العمال في مواصلة نشاطهم إراديا بعد السن الأدنى المحددة ب 60 سنة، في حدود 5 سنوات، ما يسمح لهم بالاستفادة من سنوات العمل الإضافية بعنوان التقاعد، واستند معدو النص إلى مبرر «المعطيات الجغرافية»، التي تؤكد ارتفاع معدل الحياة، الذي قفز من 62.5 في العام 1983 إلى 72.5 في العام 2000 ووصولا إلى 77.5 في 2015 . ما يبرر أن القانون يأخذ في الحسبان مصلحة العامل، ولا يكرس تراجعا في المكاسب المحصلة، بقدر ما يهدف إلى ضمان معاشات التقاعد، إدراجه قواعد خاصة ب «العمال الذين يشغلون مناصب عمل جد شاقة، الذين يستثنون من الإلغاء، إذ بإمكانهم التقاعد قبل السن القانونية، والعمال الذين يمارسون وظائف ذات تأهيل عالي ومهن ذات تأهيل نادر الذين يطلبون تمديد سن تقاعدهم.