انطلقت مؤخرا حملة غير معلنة من قبل الأحزاب السياسية، لاستمالة أكبر عدد ممكن من الشباب، وجرِّه على الانخراط في الجمعيات ذات الطابع السياسي، كما أسماها دستور 23 فيفري ,1989 لتدارك العجز في النشاط السياسي الذي تعرفه بلادنا، و كذا لتحضير الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. شرعت حركة الإصلاح الوطني في برنامج طموح، أكد من خلاله أحمد بن عبد السلام رئيس الحركة، بأن هذه الخطوة هدفها جمع الطاقات الشابة من المجتمع، و فتح المجال أمامها لتبوُّأ المكانة الاجتماعية الخاصة بها، وبعد أن شرح وضع الشباب الجزائري الذي قال بأنه يعاني من البطالة والحرڤة والآفات الاجتماعية. وأوضح ذات المتحدث أن الساحة السياسية بحاجة إلى الجيل الجديد، الذي ينتظر تسلم المشعل، و وضع الثقة فيه في ظل جسامة التحديات التي تنتظرها بلادنا. وتعتبر خطوة الإصلاحيين بمثابة محطة، تضاف لمعركة الرئاسيات التي كانت جسا لنبض الشارع تجاه الحركة، حيث و بعد نجاحها في المشاركة عن طريق السيد محمد جهيد يونسي في رئاسيات 9 أفريل ,2009 و كسبها لبعض المواقع، لا تريد التخلي عنها، والأكثر من ذلك تحاول تعزيزها من خلال التحضير للانتخابات القادمة، التي لم يعد يفصلنا عنها الكثير، ويظهر أن توجه الإصلاح نابع من نيتها في العودة إلى البرلمان بقوة، لما يوفره ذلك المنبر من قوة سياسية ومادية للحزب، الذي تراجع بريقه منذ أزمة الحركة في خريف .2005 كما أن مسكَ السيد أحمد بن عبد السلام لزمام الحركة، جعله يفكر في بعث برامج تُحسب له مستقبلا، وتركيزه على توسيع وعاء الحركة قد تكون وراءه خلفيات تحسبا للمستقبل، فالتداول على المنصب في الحركة بقدر ما هو إيجابي، لكنه وضع قد لا يدوم لأن الساحة السياسية في بلادنا عوّدتنا على عدم الاستقرار، خاصة إذا ما تعلق الأمر بمنصب المسؤولية . وبالمقابل اتخذ السيد أبوة جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم من ملف الشباب، حجر الزاوية للجامعة الصيفية للحزب، التي انعقدت ببومرداس مؤخرا، ويعتبر اختيار الزعيم الأول في الحركة لهذا الملف رد فعل غير مباشر على حركة الدعوة والتغيير التي يقودها مناصرة، و الذي تمكن من كسب العديد من إطارات حمس. و في ظل هذه الظروف لن يجد سلطاني أحسن من الشباب لمواجهة النزيف، وكان نفس المسؤول قد خطط في الانتخابات التشريعية في ماي ,2007 و منع العديد من المناضلين القدماء من الترشح، وفتح المجال للجدد الذين مكنوه من تسيير المؤتمر الوطني للحركة، وتمرير ما يريد من قرارات، وأجهضوا محاولات مناصرة للفوز برئاسة الحركة. ويحاول خليفة المرحوم نحناح، تشديد الخناق على حركة الدعوة والتغيير، التي تبحث عن شهادة ميلاد تمكنها من النشاط رسميا، والمشاركة في مختلف الاستحقاقات، غير أن نيل الرهان سيكون صعب المنال في ظل تجميد منح الرخص للأحزاب، وما سيزيد في صعوبة مجموعة مناصرة هو المواعيد الانتخابية التي مازالت بعيدة نوعا ما، والتي ستكون فاصلا في منح الاعتماد من عدمه. وتدمج محاولات الاعتناء بالشباب و إقناعهم بممارسة العمل السياسي في سياق توسيع أوعية الأحزاب التي تعرف تراجعا رهيبا، كما أن التجربة التي نجح فيها حزب العمال من خلال إنشاء حركة شبانية قامت بمهام كبيرة، مكنت حزب العمال من توسيع قواعده النضالية والشعبية، ويعتبر حزب السيدة لويزة حنون رائدا في هذا المجال، وما تطوُّر نتائجه من انتخابات إلى أخرى إلا دليل على العمل القاعدي الكبير المنجز، وهو ما أسال لعاب بقية الأحزاب التي سيحكم على تجربتها الوقت والتاريخ.