تتوالى المؤتمرات الوطنية لمختلف الأحزاب من أجل التقييم والاستشراف وإطلاق الشعارات البراقة والرنانة لنقل صورة ايجابية عن تواجدهم وتبرير مواقفهم واتجاهاتهم والدفاع عن مواقعهم فبعد حركة مجتمع السلم والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب العمال والإصلاح جاء الدورالأفلان الذي يسعى من خلال مؤتمره التاسع إلى تقديم صورة ايجابية عن وضعيته في ظل الهزات العنيفة التي تعرض لها منذ مؤتمره الثامن الجامع الذي انعقد في يناير .2005 تعرف الساحة السياسية في بلادنا تراجعا رهيبا في السنوات الأخيرة خاصة من ناحية الأحزاب السياسية التي باتت تفتقد لبرامج وأفكار واضحة تجعلها قبلة للمواطنين والمثقفين وقد طغى على العمل الحزبي النشاط المناسباتي الذي جعل القواعد الشعبية تتخلى عن الانخراط بقوة ووصل بها الأمر إلى العزوف عن الانتخابات المحلية والتشريعية في السنوات الماضية كرد فعل على تراجع العمل الحزبي وكذا عن السلوكات الغريبة التي باتت تطبع هذه الأحزاب التي ترفض العديد من المبادئ وتظل تطالب السلطات بها. وغلب على مختلف الأحزاب الوطنية نمطا معينا يتمثل في غياب التنافس الديمقراطي على المناصب القيادية حيث بقي معظم القيادات في المناصب منذ إنشاء تلك الأحزاب ووجهوا نشاطهم من الدفاع عن المجتمع والبرامج إلى الحفاظ على مواقعهم ودحر جميع محاولات التمرد التي شكلتها بعض الأطراف ليس دفاعا عن برامجها مثلما أوضحه التاريخ ولكن من أجل تولي المسؤولية والحصول على الريوع والطمع في المسؤوليات وهو ما جعل الأمور تزداد استقرارا على مستوى قيادات الأحزاب التي ترفض رفضا قاطعا التنحي من قيادة الأحزاب حتى ولو كانت الحصائل سلبية. وما حدث للأفلان في 2004 والأرندي في 2002 وحزب العمال وحركة مجتمع السلم في آخر مؤتمر وطني وما يجري على مستوى عهد 54 والجبهة الوطنية الجزائرية إلا دليل على أن الجمعيات ذات الطابع السياسي كما أسماها دستور 23 فيفري 1989 تعاني خلالا كبيرا من الداخل حيث تغيب البرامج والصراع بين الأفكار وانتشار ثقافة الاستقالة إذا كانت الأمور سلبية أو أمام إلحاح القواعد وهو ما يجعلنا نستبعد أي تغيير على مستوى الساحة السياسية مستقبلا. ولعل الجديد الذي ستأتي به الأحزاب السياسية هو رفع نسبة مشاركة المرأة لتجسيد ما جاءت به تعديلات الدستور في نوفمبر 2008 للتبجح بالمساهمة في ترقية مشاركة المرأة سياسيا ودمجها في القرارات التي خرج بها المؤتمرين وسيكون للشباب المزيد من الوعود وخاصة تلك المتعلقة بتسليم المشعل الذي انطفأ منذ مدة وعليه فالمؤتمرات الوطنية للأحزاب باتت محطة للتزكية وإطلاق الوعود لتبرير وجودها والاستمرار في خلق استقرار سلبي أكثر منه ايجابي لأن صراع الأفكار يؤكد خصوبة الأحزاب بينما الاكتفاء بالتوجه الواحد يعني أن الجميع راض بتوجه الحزب وتلك محاولات التمرد للانتقام من قيادات الأحزاب تعكس العقلية الريعية للمعارضين في ظل غياب برامج وسلوك ديمقراطي منضبط.