يلح الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، على أهمية تناول السلطات العمومية المختصة لمسألة الأسواق التجارية، على خلفية ما جرى في الأسواق خلال رمضان الجاري وقبله والإسراع في إرساء بديل للوضع الراهن بإطلاق شبكة تسويق جديدة يشرف عليها المنتجون مباشرة، مما يضمن كسر ظاهرة الاحتكار التي شملت منتجات غذائية أساسية أصبحت في غير متناول الأسر وأوضح في اتصال هاتفي، أنه طرح الفكرة على وزير التجارة ولم يلمس رد فعل في الوقت الراهن ماعدا وزير الفلاحة الذي أبدى استعداد للتعاطي مع الاقتراح معربا عن موافقته على المطلب ويبدو أن مصالحه تتولى تشخيص ودراسة الأمر على أمل أن لا يطول فيفقد مفعوله. وعما إذا كان التصور يهدف إلى إعادة تنشيط ما كان يعرف في الماضي بأسواق الفلاح أجاب عليوي أنه ليس بالضرورة العودة إلى نفس تلك المحلات التي ضاع جانب كبير منها ويعرض جانب آخر للاهتراء والاندثار، وإنما إقحام الجماعات المحلية بتخصيص مساحات مهيأة خارج المدن توفر على شروط الأمن والنظافة لتوضع تحت تصرف الفلاحين المنتجين، خاصة بالنسبة للمنتجات الأساسية فيمكن حينها إزاحة الوسطاء الذين يحققون أرباحا مبالغ فيها وبمجرد عمليات بيع لا قيمة مضافة فيها. وحول آلية تنفيذ مثل هذا التصور التجاري الذي سجل حسب ذات المصدر تفاعلا ايجابيا من حوالي 30 في المائة من الفلاحين المنتجين الذين يحبذون تسويق ما ينتجونه للمستهلكين مباشرة والقفز على حواجز المضاربة التي تعشّش في عدد من كبريات أسواق الجملة، سواء الخاصة بالخضر أو تلك الخاصة باللحوم أو المذابح والمسالخ التي تفتقر للتنظيم، وتبدو أنها خارج إطار الشفافية بالقدر اللازم في غياب قبضة محكمة من الدوائر الرسمية المكلفة بالتجارة. واعتبر محدثنا من جانب آخر أن شبكة غرف التبريد التي تأسست وانتشرت في المدة الأخيرة، لا يمكنها أن تحل مشكلة ضبط السوق على اعتبار أن التجربة الميدانية أظهرت نتائج عكسية تعود بالنفع على فئة قليلة على حساب أغلبية وعامة الشعب، وأضاف أن المستفيدين من غرف التبريد أساؤوا استخدامها وانزلق اغلبهم إلى ممارسة الاحتكار والضغط على عنصر الوفرة للتحكم في الأسعار بما يملأ جيوبهم بلا عناء، الأمر الذي يفرض اليوم أكثر من أي وقت مضى وضع تشريع تنظيمي يضفي على شبكة التبريد ما يلزم من الشفافية. هكذا إذن كانت تسمى في الماضي أسواق الفلاح ولسنوات طويلة قبلة للأسر الجزائرية قبل أن ويشملها ما أصاب النسيج الاقتصادي والتجاري عموما من فساد، لكن ذلك لا يمنع اليوم النظر في إمكانية أن تعود بثوب جديد يتلاءم مع قواعد اقتصاد السوق في شكل فضاءات تجارية واسعة تختصر المسافة بين المنتج والمستهلك ومن ثمة انتشال ما بقي من مقرات تتعرض للتلف أمام مرأى الجميع.. فهل تتحرك وزارتا التجارة والفلاحة على هذا النحو؟