منذ اسابيع عديدة وانا اتابع باهتمام بالغ ممزوج بالقلق السجال الاعلامي القائم في الجزائر ومصر يجعل مع الأسف الشديد من مقابلة كروية وكأنها موقعة حربية، والظفر بتأشيرة التأهل الى المونديال مسألة حياة او موت، مع أن المقابلة تجري بين منتخبي دولتين شقيقتين. وقد بلغ هذا السجال في المدة الاخيرة تصاعدا مقلقا بعد ان اتخذ منحى خطيرا، خصوصا بعد ان »حشرت« اطراف أخرى من خارج الاعلام الرياضي أنوفها فيه امثال الدكتور »أوديب« وآخرون وكأنهم في حالة بحث عن الذات والشهرة مهما كلف الثمن ! المصيبة الكبرى أن هؤلاء وغيرهم من ابناء جلدتنا سواء في مصر بالخصوص او الجزائر لايدركون بأن مايصدر عنهم في الصحف والفضائيات التي يعملون بها هو بمثابة جريمة لاتغتفر في حق وطنهم أولا، وفي حق شعبي البلدين الشقيقين والقومية العربية ثانيا. وتكمن الخطورة في كون »حمى« الحرب الاعلامية المصرية الجزائرية أصابت شريحة ماتسمى بنخبة المجتمع في مصر، لأن المفروض ان يكون المثقف الواعي قدوة حسنة وفوق »لعب العيال«، يبني ولايهدم، ينير ولايضلل، يصلح ولايفسد، يوحد ولايفرق، إذ لايمكن بأي حال من الاحوال القفز فوق التاريخ المشترك، ومصالح الشعبين الشقيقين، ولاننزل الى القاع بسبب مباراة »كورة« مهما كانت اهميتها والرهان الموكول لها. بالطبع فإن مثل هذا الكلام أو بالأحرى اللوم يسري كذلك على الاعلاميين الجزائريين العاملين في بعض الصحف (الخاصة أساسا) وكصحافيين واعين لنا مسؤولية تاريخية أمام الله وأمام الشعبين، وعليه فلابد ان نترك جانبا المكسب الرياضي الآني، ونضع المباراة في إطارها الرياضي البحث ونقبل نتيجتها النهائية بكل روح رياضية، لأن المتأهل لمونديال 2010 من الفريقين مهما كان فهو فريق عربي يمثل الأمة العربية كلها. ولانبالغ لو قلنا بأن مايصدر من »شطحات« ومهازل في بعض وسائل الاعلام بالبلدين وخصوصا في الشقيقة مصر، يمثل قمة اللاوعي واللامسؤولية لسبب بسيط هو أن اصحابها وابطال هذه الحرب الاعلامية لايقدرون مدى خطورة افعالهم . والاخطر في الموضوع ركوب اعلاميين مختصين في الشؤون السياسية الموجة الى جانب المحسوبين على الاعلام الرياضي والثقافة والفن يجعلون من رسائل اعلامهم منابر للشتيمة والاهانة والتجريح، والتشكيك، ليس هذا فقط بل لبث التفرقة والانشقاق وخلق العداوة التي تنفث سموما وحقدا الى درجة ان اي مبادرة لتلطيف الأجواء ومحاولات التهدئة لم تعد ذات فائدة. لماذا لانجعل من مقابلة السبت 14 نوفمبر عيدا وعرسا كرويا عربيا تتآلف فيه قلوب الملايين من الجزائريين والمصريين محبة، وتتوطد فيه عرس الاخوة والقرابة بين الشعبين الشقيقين؟