إرادة الرئيس بوتفليقة حررت قضايا الدين والهوية واللغة من المزايدة السياسية دعا الوزير الأول عبد المالك سلال، أمس، إلى مشاركة واسعة وبقوة في تشريعيات الرابع ماي القادم، مؤكد أن المشاركة تقوي الحس الوطني وتحصن استقرار البلاد، مشيرا في الشق الاقتصادي إلى أن الجزائر انطلقت في مرحلة ما بعد البترول، داعيا في نفس الوقت إلى محاربة الفكر الذي يكتفي بالنقد ويدفع بالمجتمع نحو اليأس والاستقالة الجماعية. جاء هذا خلال زيارة الوزير الإول إلى وهران متابعة لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية. دعا سلال إلى مشاركة واسعة في الانتخابات التشريعية يوم الرابع ماي والتوجه يوم الاقتراع للتعبير عن الرأي واختيار الأنسب، قائلا: “هي تعبير عن الوعي ومساهمة هامة في مسيرة أمتنا”، “علينا جميعا أن نشارك فيها بكل مسؤولية وجدية”، مشيرا إلى أن الجزائر تحتاج إلى كل أبنائها في الوقت الراهن لإرساء دعائم الاستقرار والازدهار”. وأوضح الوزير الأول في كلمة ألقاها، أمس، بقاعة الأمير عبد القادر خلال لقائه بالسلطات المحلية والمجتمع المدني لولاية وهران، أن خيار التشريعيات سيبنى على أساس المفاضلة بين البرامج والتشكيلات السياسية وكذلك الإنجازات. في هذا الإطار قال “إن نعمة الأمن والاستقرار لا تقودنا لإغفال خطورة الفرقة والحقد والثمن الباهظ للتلاعب بالثوابت الوطنية ومقومات الهوية، التي تجعل من الجزائريين لحمة واحدة وتشكل قاعدة مصيرهم المشترك”. ودعا سلال المواطنين إلى التعبير عن قوة ووحدة الشعب الجزائري بالتوجه إلى صناديق الاقتراع بقوة يوم الرابع ماي، موضحا أنه لو لم تكن قوتنا في وحدتنا لما أصرّ الأعداء على تفريقنا وزرع الفتنة بيننا، قائلا: “لذلك أطلب منكم أن تبرهنوا يوم الرابع من ماي القادم، على افتخارنا بجزائريتنا الغنية والمتنوعة والمتحدة في نفس الوقت”. سلال، الذي كان مرفوقا بوفد وزاري هام خلال زيارته إلى ولاية وهران، أكد قائلا: “إننا نريد خيرا لبلادنا، وقد شرعنا تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في تشييد جزائر القرن الواحد والعشرين، جزائر ما بعد البترول وجزائر الإنتاج والمنافسة وجزائر التقدم والازدهار”. ولدى حديثه عن الوضع الاقتصادي للجزائر لم يفوت الفرصة ليؤكد، أن تقدم البلاد لن يكون إلا ببعث تنمية شاملة عبر كل ولايات الوطن، قائلا: “إن تقدم وطننا لن يكون كاملا، إلا إذا عرفت كل جهات الوطن وولاياته نموا منسجما ومتجانسا”، وهو النهج الذي تعتمده الحكومة في عملها. في هذا الإطار، شدد سلال على أن تنويع الاقتصاد الجزائري وتوجيهه نحو قطاعات الإنتاج والخدمات، بات أمرا حتميا، تدركه السلطات العمومية جيدا وتهيئ له كل شروط النجاح، مشيرا إلى أن يد المساعدة تبقى ممدودة لكل من يريد الانتفاع من خيرات الوطن لدعم الاقتصاد الوطني. مقاربة رئيس الجمهورية بتحرير قضايا الدين، الهوية واللغة من مستنقع المزايدة السياسية إن الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، قال الوزير الأول، سمحت عبر مسعى المصالحة الوطنية والمراجعة الدستورية، بتحرير قضايا الدين، الهوية واللغة من مستنقع المزايدة السياسية، والارتقاء بها بعد تثبيتها في النص الأول للبلاد، إلى الفضاء الأكاديمي والعلمي، حيث يتمكن أهل الاختصاص من تناولها بموضوعية تخدم وحدة الشعب ومصالح الوطن. واغتنم سلال احتفال الجزائر بيوم العلم وذكرى الربيع الأمازيغي التي تصادف، اليوم، 20 أفريل، ليؤكد أن اليومين عظيمين في تاريخ نضال الجزائر من أجل تثبيت هويتها، حيث أن تعديل الدستور أقر وجاهة وأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية، وعلينا اليوم، بحسب تعبيره، أن نكون في مستوى ذلك التاريخ، مشيرا إلى أن التمسك بالمرجعية الدينية الوطنية الوسطية والمتسامحة سيكون لنا حصنا منيعا في وجه الفتنة الطائفية والمذاهب الشاذة. في هذا السياق، ذكر الوزير الأول بالأهمية البالغة للتعديل الدستوري الذي رسم معالم الدولة الجزائرية الحضارية،سيما ما تعلق بالهوية الوطنية التي لا يمكن أن يزايد فيها طرف ولا جهة، معتبرا أن مبادئ الهوية خط أحمر، وحصن منيع في وجه الفتنة والنحل الطائفية الخطيرة. وأضاف سلال، أن التنوع الثقافي في البلاد هو ثروة الجزائر الحقيقية، قائلا: “فالشاوية والقبائل وبني سنوس والكال آهقار والزناتة وغيرهم... كلنا أمازيغ، عازمون على حماية هذه الثروة والحفاظ على وحدة بلادنا مهما كان الثمن، لأن كلا من عروبتنا وأمازيغيتنا وإسلامنا تجعل منا رجالا أحرارا”. سلال وجه رسائل قوية عبر دعوته إلى الوحدة والتأكيد على التمسك بالهوية الوطنية، موضحا أنه يجب علينا التأكيد في كل مناسبة، تمسكنا بقيم الهوية وحرصنا على استقلال بلادنا وسيادتها، داعيا إلى الاستلهام من بطولات ابناء الجنوب، الذين انتفضوا دفاعا عن وحدة الأرض والشعب، وتعطلت من أجلهم مفاوضات الاستقلال وأفشلوا مخططات الاستعمار لفصل الصحراء عن باقي الجزائر. في هذا الخصوص قال الوزير الأول، إنه من درس التاريخ يعرف كم دافع شعبنا عن ثوابته ومقومات شخصيته عبر العصور، رغم كل تلك التضحيات حفاظا على أمازيغيتهم وإسلامهم وعروبتهم، بقي الجزائريون متسامحين متفتحين على ثقافات العالم وهم أبعد الناس عن العنصرية، لأن الوطنية عندنا تعني حب الجزائر وليس كراهية الغير. نبذ التفريق بين القطاعين العام والخاص كما دعا سلال إلى نبذ أي تفرقة بين القطاعين العام والخاص، فالمهم، بحسب تعبيره، بالنسبة للحكومة هو نجاح المؤسسة الجزائرية وقدرتها على المنافسة النوعية والكمية لتغطية الحاجيات المحلية واختراق الأسواق العالمية، داعيا إلى البحث عن أسواق خارجية لتصدير المنتجات التي تعرف فائضا، معتبرا أن الانفتاح على الأسواق الخارجية مفتاح لدعم الاقتصاد الوطني، مشددا على تحسين محيط الأعمال وتبسيط الإجراءات، مضيفا أن التعقيد عدو المستثمر وعدو الدولة وكل مصالحها، مستطردا بالقول “إننا نريد قواعد بسيطة يفهمها الجميع وتطبق على الجميع دون استثناء”. ولم يخف الوزير الأول العقليات التي تقوم على منطق السلبية، داعيا إلى التغيير الجذري من هذه العقليات وردود الفعل السلبية التي تزرع التشاؤم والهروب من المسؤولية، سواء لدى الموظف البسيط في الشباك أو عند الوزير،معتبرا أن ذلك هو الأساس والأهم لتحرير اقتصاد متين وقوي. وقال سلال، “نحن نمد أيدينا للجميع لنعمل سويا وبصدق، كما فعل أجدادنا حتى لا يرتبط الإسلام الحنيف بالإرهاب والاقتصاد الوطني بالاستيراد ولا الثقافة الجزائرية بالترجمة، مؤكدا أن استقرار البلاد مرهون بالوحدة بين أبناء الوطن والتكاتف صفا واحدا، لمحاربة كل أشكال التفرقة. بخصوص التنمية المحلية التي عرفتها ولاية وهران، فقد تحولت وهران في ظرف قياسي إلى قطب جهوي يتوفر على بنية تحتية حديثة ويحتضن ديناميكية ابتكار وتطور في عدد كبير من المجالات والميادين. وكغيرها من المدن الكبرى في الوطن، تعلن وهران عن البروز المقبل للاقتصاد الوطني الناشئ. حيث سمحت البرامج التنموية المتوالية والتي ننوي مواصلتها، بتحسين ملحوظ للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما شهدت السنوات الماضية انطلاق مشاريع اقتصادية وصناعية كبرى في الميكانيك والبيتروكيمياء والحديد والصلب والصناعات الغذائية، مؤكدا أن ولاية وهران تجسيد ميداني لمفهوم الحصيلة الإيجابية وتحقيق الوعود والالتزامات.