تعتبر زيارة الوزير الأول النيجيري علي باجو للجزائر خطوة هامة لترسيخ التفاوض والتشاور حول إيجاد الحلول اللازمة للأوضاع الأمنية في الساحل الصحراوي وانتشار ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الذي بات منفذا سهلا لمختلف الدول الغربية لتجسيد اطماها وتوقيف زحف دول أخرى على المنطقة غير أن هذه الأطماع والنفاق الذي تتستر وراءه بعض الدول الغربية سرعان ما انكشف خاصة بعد أن فشلت هذه السيناريوهات في العراق وأفغانستان. تعكس زيارة الوزير الأول النيجيري للجزائر والذي حمل رسالة من رئيس النيجر السيد مامادو طنجة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وعي النيجر بأزمة دول الساحل الصحراوي حيث لن تجد هذه الدول أحسن من التعاون للقضاء على التهديدات الواقعية أو الافتراضية بحكم أن دول الساحل تربطها علاقات حسن الجوار والاحترام المتبادل منذ تاريخ بعيد جدا حيث لم تطرح أبدا مشاكل الحدود أو المبادلات بين هذه البلدان كما أن الجزائر المعروفة بأخلاقياتها السياسية واحترامها لسيادة الدول واقتراحها المساعدة دون مقابل ودون أطماع وهو ما جعلها قبلة للأحرار والذين يعملون من أجل مصالح دولهم لأن الدول الغربية لا تقدم المساعدات والخبرات بدون مقابل للشركات المتعددة الجنسيات التي تنهب خيرات وثروات دول العالم الثالث والتي تنقب عن الصفقات في كل مكان خاصة بعد أن أخذت الأزمة المالية العالمية أبعادا خطيرا جعلت استقرار الدول المتقدمة مهددا في ظل الثورات الاجتماعية التي زحفت على أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية والتي تهدد أوروبا بعد فقدانها ملايين مناصب الشغل في ظرف قياسي. ويعتبر التواصل الجزائري النيجيري ناجحا بكل المعايير خاصة في ظل الشفافية والصراحة التي تميز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين حيث تعطي النيجر الأولوية للتعاون الجزائري النيجيري للحفاظ على المصالح المشتركة وتفويت الفرصة على المتربصين بالمنطقة وهو ما يقلق البعض الذي يتعامل بمكيلين مع القضايا ويفضل دائما الدول الغربية لحل المشكلات للطمع في الحماية والولاء وبالتالي رهن مصالح الشعوب وسيادة الدول والإخلال باستقرار دول المنطقة التي تجد نفسها محاصرة بالقواعد العسكرية وضغط الشركات المتعددة الجنسيات التي باتت تختار رؤساء الدول وتتدخل كل صغيرة وكبيرة في الدول التي تستثمر فيها من خلال إنشاء شبكات مافيوية تعمل عملية لديها وتقمع كل ما هو وطني ويدافع عن سيادة ومصالح الشعوب. وتتزامن زيارة المبعوث النيجيري لبلادنا مع التطورات التي تحدث في مختلف دول الساحل وخاصة اختطاف السياح بين قوسين لأن عمليات الاختطاف هذه باتت غريبة للغاية فمن جهة تحذر الدول الغربية رعاياها من السفر لدول الساحل ثم نجد عدد السياح يرتفع بإحصائيات غريبة وحتى عمليات الاختطاف هذه تظهر وكأنها سيناريو لأنه يتم بعدها مباشرة دفع الفدية وإرسال الخبراء الأمنيين للمساعدة في التحقيق للتطور هذه الإجراءات إلى اقتراحات لتدريب الجيوش المحلية لدول الساحل للتصدي للإرهاب بينما لا تشاهد الدول الغربية انتشار الفقر وضعف الاستثمارات الخالقة للثروة بهذه الدول فالغرب لا يتدخل إلا في الجانب الأمني فقط وهو ما يعني بأن تجار السلاح في الدول الغربية هم الذين يقومون بتسطير السياسات وتجسيدها مهما كانت اعتراضات السياسيين. وفي انتظار حل أزمة اختطاف السياح الاسبانيين والفرنسي من موريتانيا التي تعكس المناورات الغربية لمحاولة ضغطها على دول الساحل استقبال القواعد العسكرية والتي يرفضها الاتحاد الإفريقي لأنه ليس بحاجة لا إلى مجازر روندا التي خلفت 800 ألف قتيل في 3 أشهر ولا كونغو ديمقراطي تلون نهره باللون الأحمر و لا سودان مشتت بعد قرون من الوحدة و لا جنوب افريقيا تعمل بالتمييز العنصري ولا زايير موبوتو سيسيسوكو الذي صرف في ليلة واحدة بباريس 300 مليون دولار ولالالالا. وتبقى منطقة الساحل الصحراوي التي اكتشف فيها اليورانيوم والنفط محط أطماع وعلى دول الساحل أن تعي بأن الحفاظ على سيادتها والتعامل مع الملف الأمني بحذر هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق التنمية والتطور في إطار التعاون فيما بينها أما إذا انصاعت للدول الغربية فعليها أن تقرأ السلام على مستقبلها ومستقبل شعوبها ولهم في العراق وأفغانستان العبرة.